من أسرار الكعبة – كما يقول الكاتب الصحفي السعودي عمر المضواحي المهتم بالكتابة عن تاريخ الأماكن المقدسة – أنها صرة الأرض وموصولة بالبيت المعمور في السماء السابعة، وأول بيت وضع للناس بناه ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام، وليس هناك في الكون بقعة أكثر مهابة وقدسية من هذه الحجرة المكعبة.
لم تعبد في تاريخها من دون الله قط، فقد كان العرب يعبدون الأصنام والأوثان حولها ولم يخصوها أبدا بالعبادة، حج إليها كل الأنبياء، ومجرد النظر إليها عبادة تعادل أجر عابد في غير مكة.
يضيف المضواحي متحدثا لـقناة “العربية” الاخبارية، عن ما سجله قلمه عن هذه البقعة التي توصف بأنها قدس الأقداس الاسلامية: حول الكعبة ثلاثة أسرار لا يوجد مثيل لها في الأرض، الحجر الأسود, ومقام إبراهيم, وهما ياقوتاتان من يواقيت الجنة, وبئر زمزم وهو نهر من أنهار الجنة ينبع عينه المتدفق من تحت أعتاب الحجر الأسود.
على يسار باب الكعبة المهيب وبين الملتزم والحجر الأسود الى الداخل منها يقع مكان (حطيم السيئات) حيث يتم فيه التضرع بالدعوات، والى اليمين من باب الكعبة على بعد أقل من مترين يرتفع صندوق من الرخام النادر تحفظ فيه أدوات خدمة البيت وحوائج غسيل الكعبة من دهون الطيب كالعود والورد والعنبر ولفائف من قماش قطني معد للغسيل.
في منتصف الكعبة ترتفع ثلاثة أعمدة محاطة بأفخر أنواع الخشب المزخرف, وهي المعروفة بأعمدة الصحابي عبدالله إبن الزبير حين رأى في زمن حكمه مكة أن يسند سقف الكعبة بها خشية انهياره عندما قام بترميم بناء الكعبة.
في الجهة الشمالية من الكعبة، على يمين الداخل باب صغير يعرف بباب “التوبة” وهو آية في الصنعة والإتقان، يمتاز بمقاساته العادية وهو بنسبة قياس واحد الى ثمانية مقارنة بباب الكعبة الخارجي الوافر البهاء والضخامة، ويؤدي باب التوبة المصنوع من أندر قطع الأخشاب المكسوة بصفائح الذهب والفضة المشغولة، الى درج حلزوني من الزجاج السميك يصل الى سطح الكعبة.
وفي الجدار الغربي المواجه لباب الكعبة علقت تسعة ألواح أثرية من الرخام منقوش عليها أسماء الولاة والخلفاء تؤرخ لأعمال تجديد وترميم الكعبة, وكلها مكتوبة بعد القرن السادس للهجرة.
وفي الحائط الشرقي وبين باب الكعبة المشرفة وباب التوبة وضعت وثيقة تؤرخ لقيام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) بشرف ترميم وتجديد الكعبة المشرفة الذي دشنه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 1419هـ وكان حينها وليا للعهد. وكان آخر ترميم شامل للكعبة في زمن السلطان مراد الرابع من سلاطين آل عثمان سنة 1040 من الهجرة النبوية.
جوانب الكعبة الأربعة محاطة بالرخام الأبيض، بارتفاع نحو مترين وبرخام ملون ومزركش بنقوش هندسية إسلامية. وما يعلوها مغطى بستارة خاصة من الحرير الأحمر الوردي مشغولة بالنسيج الأبيض على هيئة الشهادتين وبعض أسماء الله الحسنى على شكل رقمي ثمانية و سبعة متكررة بخط الثلث العربي البديع، وهي إهداء من الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله الى الكعبة، ويقوم بصناعتها يدويا مصنع كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.