مساحة إعلانية




 
شاطر

صانعات المآثر   Emptyالسبت أبريل 21, 2012 5:32 am
رسالة
بيانات كاتب الموضوع
صانعات المآثر
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
Admin
الرتبه:
Admin
الصورة الرمزية
 
hadi moa

البيانات
عدد المساهمات : 184
نقاط : 456
تاريخ التسجيل : 29/08/2010
 
 

 


الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

https://ns-al-islam.ahladalil.com

مُساهمةموضوع: صانعات المآثر    




بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد ...

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ) أما بعد ...

أيها الإخوة والأخوات : حديثي إليكم في هذه الليلة من خلال هذه المحاضرة والتي هي بعنوان ( صانعات المآثر ) فأقول : هذه المحاضرة امتداد لما سبق طرحه من خلال محاضرة سبقت وهي التي بعنوان ( المرأة والوجه الآخر ) والتي كانت عبارة عن مجموعة قصصٍ وضاءة لامرأة هذا العصر وحيث لمستُ استنهاض الهمة لدى كثير من الأخوات ولرغبة كثير من الإخوة والأخوات إعادة الكرة أحببت أن أقف معكم هذه الليلة ومع قصص أخرى نبين من خلالها الجانب المشرق للمرأة المسلمة المعاصرة من خلال ضروب الخير المتعددة في حياة المرأة المسلمة ولعلني قبل سرد هذه القصص أقفُ معكم أيها الإخوة والأخوات من خلال هذه المقدمة فأقول :

كان مما دعاني للحديث مرة أخرى بالإضافة إلى ما سبق ما نسمعه بين الفينة والأخرى من صيحات بعض الأخوات يطالبن فيه بالإنصاف في حديثنا عنهن والاهتمام بأمورهن و ألا يقتصر الحديث عنهن من خلال الجوانب السلبية فقط مع إهمالهن في جانب التعليم والتربية ، وهاهي إحداهن تطلق صيحاتها لكم معاشر الدعاة إلى الله من خلال مقال لها نشرته مجلة الأسرة في عدد ربيعٍ الأول لعام ألفٍ وأربعمائة واثنين وعشرين للهجرة أنقل بعضاً من كلامها باختصار حيث تقول : إن من أمتع وأخصب مواطن الدعوة البيت والأسرة لكننا نلحظ انصرافاً وللأسف من الكثير من المصلحين إلى توعية الرجال فقط وقد يكون مرد ذالك أن كثير من المصلحين لم يعرفوا مدى أهمية هذا العمل ونظروا إليه بنظرة قاصرة ، ثم تقول ، هلا جربوا لينظروا كيف نتوقد حيوية وحتى يعلموا نشاطاتنا وصحوتنا نحن النساء صغيرات وكبيرات هلا سألوا من جرب التعامل معنا من المربين والمصلحين ، رب فتاة خير من مئة فتى ، ذالك أن المرأة منبع الأجيال والأبطال ، وليس للشباب دور كدور المرأة في صناعة الرجال ، حتى تقول إني لتحترق أحشائي غيرةً على هذا الصنف الطاهر ، من النساء صغيرات وكبيرات وإني لأزداد غيرةً عندما أرى الصغيرات ، نعم ، الصغيرات بأجسامهن ، الكبيرات بألبابهن ، وعقولهن ، رائحات وغادياتٍ إلى مراكز التحفيظ النسائية ، متلفعاتٍ بمروطهن ، فيخفقُ قلبي من أجلهن فأفرح و أحزن ، أفرح لحرصهن وحضورهن المستمر ، واهتزازهن طرباً عند عقد المسابقات والمحاضرات ، و أحزن من التقصير في حقهن من جانب الرجال ، وقطع التواصل معهن إلى آخر كلامها ... وفقها الله تعالى ..

قلتُ : أيها الإخوة والأخوات : نساءنا يردنا أن ينهضن ، هن يبتغين الوسائل ، ويلتمسن الخطى ،ومصداق ذالك ، ما ستستمعون إليه من سبقها للخير ، وما لهن لا ينهضن !! ومن ذا يذودهن عما شرع الله لهن من الحقوق !! وهل هن إلا منابت حماتنا ، وأساة جراحنا ، وبناة نهضتنا ، ومنار دعوتنا ، ومثار قوتنا ، وهل نحن وإياهن إلا كجناحي النسر الصاعد ، إذا هيض أحدهما خفض الآخر ، فيصبح لا يجد في الأرض مقعدا ولا في السماء مصعدا ،

أيها الإخوة والأخوات : نعم هذه هي المرأة ، لطالما ضم معطف ثوبها على رجل الدنيا وواحدها ، وما زالت بحمد الله تعالى كذالك ، أما رأيتم المجاهد يطير في ساحات الوغى ، من أين خرج ؟ لقد خرج من معطف سليلة المجد والكرامة ، أما رأيتموها في فلسطين تفخر في استشهاد فلذة كبدها ، وتعد بالباقي ، أما رأيتم العالم الذي يذب عن الإسلام بقلمه ولسانه ،!! من أين خرج ؟! لقد خرج من معطف التقية الصالحة ، أما رأيتم الخطيب يهز أعواد المنابر !! والواعظ يحرك القلوب ويبكي العيون !! وأستاذ الجامعة ومنارها !! من أين خرج أولئك وغيرهم ؟؟ لقد خرجوا من معاطف الفضليات الكريمات ... هم موجودون في واقعنا ، نراهم بأعيننا ، وهل هذا إلا أبلغ دليل على وجود المرأة الصالحة ؟؟ نعم ، لقد كانت تعلم علم اليقين أن هذا الطفل الدارج بين عينها ، ترعاه وليدا ، وشاباً ، وكهلاً ، هي تعلم أن هذا الطفل ليس بالصبي الخلي ، بل هو خبيئة الدهر وعدته ، نعم ، أيها الإخوة والأخوات ، ليست المرأة بالخلق الضعيف النفس ، فإن من احتمل من احتملته في ظلمات التاريخ ، وصلف بعض الأزواج ، إلى وقر الحمل وألم المخاض ، ودور الأمومة راضية مطمئنة ، لا تكون ضعيفة ، وليست هي بالخلق الحقير !! فإن من وكله الله بابتناء الكون ، وإنشاء الأمم ، لا يكون حقيرا ، ألا إنما المرأة دعامة الكون ، لا يزال ناهضاً مكيناً ما نهضت به ، وهي كذالك بحمد الله تعالى .. أيها الإخوة والأخوات : امرأتنا التي نتحدث عنها هذه الليلة هي من سلالة أمهاتنا الأوليات أولئك اللواتي نستنُ عن طيب أعراقهن وكرم أخلاقهن ، وتلك دماءهن ترقرق بين جوانحنا وأعطاف قلوبنا ، ولا نزال نحن إلى أمجادهن ، لان لنا في المجد نسباً عريقاً ، وطريقا عميقا ، ولا احسب المرأة المسلمة إلا امتدادً لتلك السلالة الصالحة ، أما ما نحن فيه من مظاهر النكول عن الجد من بعض نساءنا ، فإنما هو صدأ عارض ، وغشاء مستحدث ، ألقاه علينا تطاول الأمد ، وتتابع الحادثات ، وما أصابنا في سبيل ذالك ، من فداحة الظلم ، وذل الإيسار الذي فرضته علينا الأيدي الأوربية ، التي توصف بالرحمة ، وهي مع ذالك تمسح شعث الكلب وتدوس قلوب الشعوب ، وبناءً على هذا فلا عجب مما ستسمعون ، لكن العجيب ألا يوجد في نساءنا مثل هذه النماذج ،

ولعلني بعد هذه المقدمة السريعة أقف معكم من خلال عناوين القصص التالية :ــ
أولها : حكايتي مع الصدقة ،
ثانياً : ففيهما فجاهد
ثالثاً : أما لو نطق الصبر لقال هذه هي الصابرة
رابعاً : الأترجة
خامساً : أمهاتنا والقرآن
سادساً : هكذا تكون التربية
سابعاً : قتيلة الأمة
ثامناً : لن تموت أمة فيها مثل هذه
تاسعاً : قليلة المتاع لكنها كثيرة البركة .

القصة الأولى : حكايتي مع الصدقة ..

أيها الإخوة والأخوات : كنت أرى زمن الماديات قد طغى فتملكني اليأس حتى جاءتني هذه القصة فانبعث في الأمل ، روعة هذه القصة في بساطتها ، لا تظن أن صاحبة هذه القصة تملك الملايين ، كلا ، جمال هذه القصة بإيثار هذه الفتاة ، والله لقد تذكرت وأنا أقرأ هذه القصة ، موقف عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها ، حينما أنفقت في يوم واحد ألف درهم وهي صائمة ، فقالت لها خادمتها : لو أبقيتِ لنا ما نفطر به اليوم ، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : "لو ذكرتني لفعلت " ولعلني لا أطيل عليكم لأترككم مع قصة هذه الفتاة حيث تقول : اسمعوني ولا تعجبوا ، فلي مع الصدقة شأنٌ عجيب ، إنني أعيش معها حياة الراحة واللذة والسعادة ، كم أحبها ، لا أعلم شيئاً يأنس الإنسان بتفريقه إلا الصدقة ، فأنسنا معشر الناس في الجمع لا التفريق لكنني مع الصدقة أجد الأمر بخلاف ذالك ، أنا لستُ بصاحبة أرصدة في البنوك ، وأسرتي ليست بذات الثراء ، حتى تسد حاجتي ، نعم ، أنا طالبة في الكلية ، قد تتعجبون لتقولا بعد هذه المقدمة ، من أين لكِ المال ؟؟ لأقول لكم : إنها مكافأة الكلية على قلتها ، فأنا بحاجة إلى ما تحتاجه كل فتاة من ملابس ، ومذكرات ومصروف يومي ، وغير ذالك من متطلبات الفتاة ، إلا أن حبي للصدقة نحر كل رغبات الحياة ، نعم في نهاية كل شهر أنتظر هذه المكافأة على أحر من الجمر ، لدي قائمة لأسماء بعض الأسر الفقيرة ، أقتسم أنا وإياهم هذه المكافأة ، نعم ، والله لقد كنتُ أقتفي أخبار اليتامى والمساكين ، كما يقتفي العطشان أثر الماء ، والذي نفوس الخلائق بيده ، إنني لا أملك نفسي إذا جاءني مسكين يمد يده ، أشعر حينها باضطراب حتى أسد خلته ، لقد استلفتُ في يوم من الأيام مبلغ من المال ، لأسدد أجار منزل أسرة فقيرة ، وما كنت أعلم أن ورائي سوى هذه المكافأة ، في يوم من الأيام جاءتني مسكينة تمد يدها ، فلم أجد ما أعطيها إياه ، ضاقت علي الأرض بما رحبت ، لجأتُ إلى ربي قائلة : يا الله ، قلبتُ نظري في سيرة القدوة والأسوة محمد بن عبد الله على أفضل الصلاة وأتم التسليم ،فإذا في سيرته أنه كان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه ، تارةً بطعامه ، وتارةً بلباسه ، وحينما وصلتً إلى هذا الحد ، تذكرتً ثوباً متواضعاً كنتً قد قمتً بتجهيزه لزواجِ أخي ، فسارعت إلى بيعه ثم قمتُ بدفع ثمنه كاملا لهذه السائلة ، كنتُ أعلم أن من سيرته عليه الصلاة والسلام ، أنه ربما نزع رداءه وتصدق به ، تمنيتُ حينها أن لو كنتُ ارتديتُ هذا الثوب ، لأنزعه لهذه المسكينة حتى تكتمل صورة الإقتداء ، عمدتُ بعد ذالك إلى ثوبٍ من ثيابي السابقة ، ولبسته في زواج أخي ، وكنتُ أنظر إلى الفتياتِ في الحفل وأقول : آه لوظفرتِ بثوبٍ من هذه الثياب ، لا لأرتديه ، ولكن ، حتى أبيعه وأتصدق بثمنه ، لقد كنتُ أستلم مصروفي اليومي من والدي ، ثم أختلس لقيمات من إفطار البيت وآكلها ، ثم أتصدق بمصروفي ، ولا أذكر أنني تخلفتُ عن ذالك يوماً واحدا ، أقسمُ لكم بالله أني أجدُ لذةٍ لذالك لا تعادلها لذّة ،
حتى تقول : هذه هي حكايتي مع الصدقة ، فأينكم يا أرباب الأموال ؟؟ جربوا هذا الطريق حينها ستجدون سعادةً هي أعظم من سعادة كثرة المال ...

قلتُ : بارك الله في مالكِ أيتها الفتاة الصالحة ، وأخلف عليكِ ما أنفقتِ ، وإنني أذكر نفسي وإخواني بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه : ( ما من يومٍ يصبح به العباد إلا وملكانِ ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعطِ منفقاً خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعطِ ممسكاً تلفا )رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ...

القصة الثانية : ففيهما فجاهد :

رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً قد حمل أمه على رقبته ، وهو يطوف بها حول الكعبة ، فقال : يا ابن عمر !! أتراني جازيتها ؟؟ قال : ولا بطلقةٍ واحدةٍ من طلقاتها ، ولكن قد أحسنت والله يثيبكَ على القليلِ كثيرا " ليس بكثيرٍ بر الولد بوالديه ، ولكننا في زمنٍ قلّ فيه الوفاء ، فكم وكم نسمع من تنكر لكثير من الأبناء لوالديهم ، ولكن قصة فتاتنا هذه تعيدُ لنا الأمل ، وفي الأمة خيرٌ كثيرٌ بحمد الله تعالى .. هي قصة فتاة تعيش مع عائلةٍ قوامها الأم والأب والأخ وثلاث بنات هي إحداهن ، تزوجت البنات الثلاث ، ولكن بعد فترة طلقت واحدة منهن ، ولعلّ الله تعالى أراد بها خيرا ، قدّر الله بعد ذالك وفاة الأخ ، ثم تبعه الأب ، ولم يبقى في البيتِ سوى الأم وهذه البنت المطلقة ، هنا يبدأ الامتحان ، تقدم رجل لخطبة هذه الفتاة ، فوافقت بشرطِ أن تبقى مع أمها ، وأن يأتيها في يومها في بيتِ والدتها ، وافقَ على ذالك وتم الزواج ، فقامت هذه البنت على خدمة والدتها ، من تهيئة الطعام والشراب وغسيل ملابسها ، وما يتبع ذالك ،
كانت تقول : أجد لذة وأنساً وسعادةً في ذالك ، كيف لا وطعامي ضرعها ، وبيتي حجرها ، ومركبي في صباي يداها وصدرها وظهرها ، أحاطتني ورعتني ، كانت تجوع لأشبع ، وتسهر لأنام ، كانت بي رحيمة ، وبي شفيقة ، كانت تميطُ عني الأذى ، أول من عرفتُ هو اسمها ، كنتُ أحسبُ كل الخير عندها ، وكنت أظن أن الشر لا يصل إلي إذا ضمتني إلى صدرها ، أو لحظتني بعينها ، يا إلهي ، هل أقدر بعد ذالك على رد دينها !! كنتُ أقول في نفسي : آهٍ لقساة القلوب الذين تنكروا لآبائهم وأمهاتهم ، كبرت والدتي كما تقول هذه الفتاة ، وكانت لا تعرف الأوقات ، فكنتُ آتيها بسجادتها ، وأخبرها بدخول الوقت ، ثم أجلس أرقب صلاتها لأصحح لها أخطاءها حتى تنتهي ، أصبحت أمي بعد ذالك لا تقدر على الحركة ، فكنت أحملها وأقوم بتنظيفها وإزالة الأذى عنها ، بعدما أصبحت لا تمسك البول والغائط ، أفعلُ كل ذالك بحمد الله تعالى بنفسٍ راضيةٍ مطمئنة ، مع معاناتي لآلام الحملِ وأوجاعه ، كنت أقول في نفسي : هو دينٌ أقوم بسداده ، وكنت أشتري لها ما تحتاجه عن طريق رجلٍ ثم أقوم بعد ذالك بسداده متى ما توفر المال ، فالحال لا يعلمها إلا الله تعالى ، دامت أمي على هذه الحال سبع سنوات حتى توفاها الله تعالى ، قامت أختاي لإخراجي من المنزل لبيعه ، ولكن الله تعالى سخر لي هذا الرجل ، فاشترى لي مسكناً ، وقد رزقتُ منه بابنين أحمد الله تعالى على أن رزقني برهما ، فقد تفوقا في دراستهما ، والتحقا بحلق تحفيظ القرآن الكريم ، فهما من الشباب الصالحين ، وأصبحا يتناوبان على الذهاب بي إلى بيت الله الحرام ، وفوق ذالك ، رزقني الله تعالى محبة الناس ، وأحسبُ أن ذالك من بركة بري بوالدتي ،
فهل سمعتم بقصتي يا من تنكرتم لفضلِ والديكم ، كنتُ والله الذي لا إله إلا هو أرى الجنة تحت قدميها ، ما كنتُ أرى لي بكبير عملٍ أطمع بسببه دخولي الجنة غير هذا ، مع أنني بحمد الله تعالى ، فتاة ملتزمة ، ولما لا ، أليست الجنة تحت أقدام الأمهات ، كما أخبر بذالك الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ، نعم ، لقد بكيت والله بكاءً مراً حال وفاتها ، ليس جزعاً من قضاء الله وقدره ، ولكن كنتُ أتأمل قصة الحارث الأكلي لما بكى في جنازة أمه ، فقيل له تبكي ؟ قال : ولما لا أبكي وقد أغلق عني باباً من أبواب الجنة "
إنني أبعثها لكم رسالة أيها الأبناء : بروا آبائكم وأمهاتكم ، وستجدون الأنس والسعادة التي وجدتها ، ولكنني فقدتها بوفاة والدتي رحمها الله تعالى ، والتي أرى أنها آخر معقلٍ من معاقل السعادة فقد هوى من بين يدي ، ما أسعدكم يا من تعيشون بين ظهراني والديكم ، وأنتم بهم بررة ، وما أقساكم يا من تملكون القصور والدور وآبائكم وأمهاتكم في دور العجزة يأوون ويسكنون ، آهٍ لو أستطيع أن أظفر بأحد هؤلاء ، الذين يقطنون دور العجزة لأستجلب سعادة طارت من بين يدي ،
يا قوم : ما أحسبُ أنه فاتني من بر والدي إلا ما كان من حجر ابن الأجبر يصنع مع أمه ، فقد كان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غلظَ يده ، فيتقلب عليه على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها ، كنتُ أتمنى لو قرأتُ هذا قبل وفاة أمي ، لصنعتً ذالك معها ولكن عزائي أنني ما زلتُ بوالدي بارة ، حتى بعد وفاتهما ، فأنا أدع لهما وأتصدق عنهما ، وأصلُ أحبابهما وعسى الله أن يعفو عني ،

قلتُ : ما أجمل صنيعكِ أيتها الفتاة ، وإني لأذكر قصتك لأرسلها رسالة مطلب للقيام بحق الوالدين وهي رسالة عتب لمن قصروا في حقوق الآباء والأمهات ، ولنقول لهم على إثر ذالك : الدين مردود ، وإنكَ لا تجني من الشوك العنب ...

القصة الثالثة : هذه هي الصابرة ...

ومع الصبر ، فالكلام عنه يطيب ، كيف لا وهو يبين لنا من خلاله معادن الناسِ ، وقوة إيمانهم ، وصبرهم ورضاهم بما قسمه الله وقدره ، ولما رأيتُ الدهر يؤذن صرفه بتفريق ما بيني وبين الحبائب رجعتُ إلى نفسي فوطنتها على ركوبِ جميل الصبر عند النوائب ومن صحب الدنيا على سوء فعلها فأيامه محفوفة بالمصائب فخذ خلسةً من كل يوم تعيشه وكن حذراً من كامنات العواقب نعم ، والله لو نطق الصبر لقال : هذه هي الصابرة ... لطالما وصفت المرأة بالجزع والهلع ، لكن مع الإيمان ينتقل ذالك إلى صبرٍ ورضا ،
امرأتنا هذه ، لها مع الصبرِ شأن عجيب ، تقول إحدى الأخوات في رسالتها :ــ هي قصة لامرأة وقفت على فصولها ، هذه المرأة تزوجت ، وانتظرت أكثر من عشرين عاماً ، تنتظر على إثر ذالك ريحانةً لقلبها ، تنتظر مولوداً يشنف سمعها بلفظ الأمومة ، ولكن ، لم يقدر الله تعالى لها من ذالك الزوج أولاداً ، طلبت الانفصال عن هذا الزوج ، ، مع حبها الشديد له ، لكن عاطفة الأمومة لديها سيالة ، انفصلت عن زوجها وتزوجت بآخر ، فوهبها المنعم المتفضل بعد طول مدةٍ مولوداً ذكرا ، وفي أثناء حملها ، طلقها هذا الرجل ، فوضعت حينها قرة عينها ، بعد طول ترقب وانتظار ، وحينها تقدم لها الكثير من الخطاب ، ولكنها رفضتهم جميعاً لتربي ولدها ، عكفت على تربيته ، لقد علقت فيه آمالها ، ورأت فيه بهجة الدنيا وزينتها ، انصرفت إلى خدمته في ليلها ونهارها ، غذته بصحتها ، ونمته بهزالها ، وقوته بضعفها ، كانت تخاف عليه من رقة النسيم ، وطنين الذباب ، كانت تؤثره على نفسها بالغذاء والراحة ، أصبح هذا الولد قلبها النابض ، تعيش معه وتأكل معه ، وتشرب معه ، تؤنسه ، تمازحه ، تنتظره وتودعه ، حين يذهب في المجالس وبين الأقارب يحلوا لها الحديث بطرائفه ونوادره ، تهب البشائر والأعطيات لكل من يبشرها بنجاحه أو قدومه من سفره ، ولما لا وهو وحيدها وثمرة فؤادها ، تعد الأيام والشهور لترى فلذة كبدها يكبر رويداً رويدا ، كبر ذالك الطفل ، وأصبح شاباً يافعا ، واستوى عوده ، واشتد عظمه ، كانت تقف أمامه مزهوة شامخة ، كانت تجاهد على إعانته على الطاعة ، كيف لا ، وهي كما تقول الأخت : عرفت منذ الصغر بطول قيامها وتهجدها ، لا تدخل مجلساً إلا وتذكر الله وتنهى فيه عن فحش القول أو البذاءة ، وهي مع ذالك من أهل الصلاة والصدقة ، لطالما تاقت نفسها أن تسمع صوت وحيدها يؤم المصلين في المسجد الحرام ، لكم تمنت أن يجعل الله له شأن يعز به دينه ، لقد كانت كثيراً ما تختلي بنفسها في أوقات الإجابة تدع ربها ، وكم كان اسمه يسيطر على دعاءها ، لا تنامُ إلا بعد أن ينام ، ثم تقوم مرة أخرى وتدخل عليه لتعيد غطاءه ، وتصلح حاله ، تفعل ذالك في الليلة الواحدة أكثر من مرة ، الله أكبر ، مبلغ الحنانِ ومنتهاه ، أحسبُ أنكم تقولون كفى ، فقد أبلغتِ في الوصف والثناء ، لستِ والله بمبالغة ، فهذه حالها مع ولدها ، عزمت على تزويجه ، لترى ولده وحفيدها ، بدأت تبحث له عن عروس ، ثم سعت إلى تقسيم منزلها إلى قسمين ، العلوي له ، والسفلي لها ، دخلت عليه في يوم من الأيام كالعادة ، نادته لم يرد عليها ، خفق قلبها ، رفعت يده فسقطت من يدها ، هزته بقوة ، لم يتحرك ، بادرت بالاتصال على قريب لها ، حضر على عجل ، فحمله إلى المستشفى ، أحست أن في الأمر شيئا ، لكنها على أمل ، فماذا عملت ، لقد كان من أمرها عجبا !! توضأت ثم يممت شطر سجادتها ، وسألت ربها أن يختار لها الخيرة المباركة ، وصلت ، وبعد سويعات ، وإذا وحيدها قد مات ، نعم ، بعد أربعين سنة ، عشرون سنة ترقبه ، وأخرى مثلها تربيه ، ضاع ذالك في لحظة واحدة ، وما كان منها حينما بلغها الخبر ، إلا أن قالت : وحيدي مات ، ثم استرجعت ، ثم رددت كثيرا الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله ، تقولها بثبات وصبر ، لم تندب ولم تصرخ ، ولم تشق جيباً أو تلطم خدا ، هذه هي ثمرة الإيمان تظهر في أشد المواقف وأصعبها وأحلكها ، كان وقع الصدمة شديداً على كل من عرف ، بعض قريباتها يبكين أمامها ليس لفقد الولد ، ولكن رأفةً بحالها ، كانت تنهاهن بحزم وهدوء ، وتقول بلهجتها : ما هذا الخبال ، ربي أعطاني إياه ، أنا راضية والحمد لله أنها لم تكن في ديني ،
الله أكبر ، لقد ضربت أروع الأمثلة في الصبر والرضا ، إلا أن بعض النفوس الضعيفة ، من اللاتي يجهلن التسليم والرضا بالقدر ، لم يستوعبن موقفها ، فمن قائلة : لعلها أصيبت بحالة نفسية ، ومن قائلةٍ : هي ذاهلة ولم تستوعب بعدُ وفاته ، وفي تلك الليلة التي مات فيها فلذة كبدها ، حان وقت طعام العشاء ، فكان من أمرها عجبا ، امتنع الكثير عن تناوله ، أما هي فقد مدت يدها إلى الطعام وهي تقول : والله ليس لي رغبة فيه ، ولكني مددتُ يدي رضا بقضاء الله وقدره ،
الله أكبر ، ما أعظم موقفها ، لقد كانت تشعر بالحرقة ، لكن على سجادتها بين يدي ربها تناجيه وتدعو لوليدها ، نعم ، فقدت فلذة كبدها ، لكنها في الوقت نفسه المؤمنة الراضية ، لقد حول صبرها ورضاها مع حسن ظنها بالله تعالى حول هذه المحنة إلى منحة ، حينها يكون لها حسن العقبى في الدارين بإذن الله " انتهى ما كتبته هذه الأخت وفقها الله تعالى ..

قلتُ : أما أنا فأردتُ أن أعلق على موقف هذه الصابرة فأعيتني الحيلة ، فتركتُ لكم هذه القصة على سجيتها ، لتتأملوها وتستلهموا منها العبرة والعظة ...

القصة الرابعة : أترجة البيت ...

ورد في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة ، طعمها طيب وريحها طيب ، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر ) رواه البخاري ومسلم ..
ألا ما أروع الفتاة حين تكون مع القرآن قراءةً وتدبراً وعملا ، ،، أترجة البيت ،،، هذه لها مع القرآن شأن عجيب ، لنستمع إليها من خلال رسالتها والتي توجهها إلى الفتيات وقد عنونت لها بقولها : ( أتريدن لؤلؤاً اغطسي في البحر ) تقول هذه الأخت :
استعذبت يوماً الحديث عن كتاب الله فقطفت أقطف زهيرات لهل رحيق ، قصصاً أستنشقها ، ولأهديها لمن تاقت نفسها لحفظ كتاب الله تعالى ، وتعلمه والاشتغال به ، نعم والله ، استعذبت حديثاً عمن فاقت عذوبة ألفاظه وبديع نظمه ، امرؤ القيس إذا ركب ، وزهيراً إذا رغب ، والأعشى إذا طرب ، والنابغة إذا رهب ، تدور نفسكِ مع وعدٍ ووعيد ، وتخويف وتهديد ، وتهذيب وتأديب ، بل وإخبارٍ بمغيب ، حكم بالغة وقصص واعظة ، إذا لاح لكِ زخرف الدنيا الفاني ، ونعيمها البراق الخادع ، تأتيكِ ( أصحاب الجنة يومئذٍ خير مستقر وأحسن مقيلا ) ، إذا أوذيتِ في سبيل الله تراءت لكِ ( الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) إذا ضاقت عليكِ الدنيا بما رحبت وصد عنكِ القريب والبعيد ، سلوت بـ ( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ) ويخفف وطأته بل ويزيله حتى ما يبقى منه شيء ، قول أهل الجنة ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إنا ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصبٌ ولا يمسنا فيها لغوب ) يسرح ذهنكِ إلى عهد الصحابة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معهم ، فتتصورين حالهم وكأنكِ تنظرين إليهم ، ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) ( والذين تبوأُ الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) بل يطير قلبكِ شوقاً لرؤيتهم ، حينها فتأملي قوله تعالى ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) بل طريق الدعوة والتعليم ، يسليه ويصبره ، ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) إذا ضجرتِ من أمرِ أولادكِ أو أهلكِ بالصلاة وأحسستِ بالملل جاءتكِ ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) وساندتها ( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) فيتجدد نشاطكِ .. أختاه ، قلتُ : هكذا تعبر هذه الأخت عن موقفها تجاه كتاب ربها وهي من الحافظات وفقها الله تعالى ، ثم تواصل الأخت حديثها فتقول عن القرآن : لعل الحديث استعذبكِ فازددتِ شوقاً لقراءته ، بل ، ستزدادين شوقاً لحفظه ،
لكن قبل أن تذهبي لتقرأي وتحفظي تعطري بما قطفتِ لكِ من زهيرات هي مواقف لقاءاتٍ وحافظات : تقول هذه الأخت :
هذه قصة لإحداهن ، وفي المركب ركب كثير بحمد الله تعالى ، هي قصة لامرأة متزوجة ، ذات أولاد ، أرقها اجتماع عائلتها على القيل والقال وغير ذالك ، مما لا تسلم منه المجالس التي نحي عنها الخير وأبعد ، فكرت كثيراً كيف تجمع شتات هذه القلوب !! وهل يحتار من يريد الخير والهادي هو الله ، حينها قالت في نفسها : وأي شيء أعظم من كتاب الله ، هذا الكتاب الذي جمع الله به شتات العرب ، تآخى المهاجرون والأنصار والأوس والخزرج بسببه ، كتاب يهدي ولا يضل ، يجمع ولا يفرق ، تقول هذه الأخت : حينها عزمت على جمعهن على مائدة القرآن ، وأنعم بها من مائدة ، وفي أول اجتماع طرحت هذا الموضوع على كبيرات الجمع ، فتحججن بأنهن اجتمعن للمؤانسة والمحادثة ، فراجعت نفسي ، حينها عاهدتها على عدم اليأس فكرت كثيراً ، فوجدت أن الأمهات مجبولات على حب من أحسن على صغارهن ، فعرضت عليهن في الاجتماع القادم افتتاح حلقةٍ لبناتهن الصغيرات ، رحبن بالفكرة ، ليأمنّ على الأقل إزعاجهن وعبثهن ولو لبعض الوقت ، جمعتهن مع إحضار بعض الجوائز ، حينها دفعت الأمهات إلي من هن أكبر سناً لتعليمهن القرآن ، وشيئاً فشيئا ، بدأ يكبرُ هذا الدرس قمتُ برعايته بحمد الله تعالى ، كما ترعى الأم وليدها ، رعيته طفلاً رضيعا ، فشاباً ، لكنه لن يشيخ بإذن الله تعالى ، مضى على هذا الدرس ما يقرب من ثمانية أعوام ، نجتمع عليه في الأسبوع مرة واحدة ، ولعلكم تتساءلون عن ثمرته بعد ذالك ، فإليكم شيئاً من ذالك كما تقول هذه الأخت : أربعون طالبة يدرسن من خلال حلق أربع تم تقسيمهن على مستويات ، حتى ليخيل للرائي والغريب عن ذالك الاجتماع أن ذالك الاجتماع مدرسة لتحفيظ القرآن بحمد الله تعالى ، لم ينتهي الأمر عند ذالك الحد ، بل كان من ثمار ذالك بحمد الله تعالى طالبتان حفظن من خلال هذه الحلقة أربعة عشر جزءً ، وثلاث طالبات حفظن تسعة عشر جزءً ، والبقية الباقية ما بين ثلاثة أجزاء وأربعة وخمسة ، وكفى ثمرة لهذا الدرس كما تقول الأخت : الأمهات حيث أصبحن يترنمن بجزء وجزأين في وقتٍ كن فيه لا يحسن الفاتحة . تقول هذه الأخت : ما زالت هذه الأخت بحمد الله تعالى ترعى هذه النبتة بل وأضافت إلى ذالك درسٍ علمي لمدة نصف ساعة من كل أسبوع في ذالك الاجتماع بأحد طلبة العلم من محارمها ومازال المركب يسير تحفه عناية الله ورعايته ، يسير بثقةٍ واطمئنان ، في وسط الأمواج العاتية ، في وقتٍ تعاني فيه الأسر من الشتات والتفرق عن طريق الاجتماعات ، لا عجب ، هو القرآن ، ومن غير القرآن يستطيع أن يجمع تلك القلوب ويؤلف بينها !! فنحمد الله على ذالك ونسأله المزيد ..

القصة الخامسة :ــ أمهاتنا والقرآن .. .

ثم كتبت قصة أخرى عنونت لها بـ ( أمهاتنا والقرآن ) أيها الإخوة والأخوات ، و ما زال الحديث عن القرآن يتواصل ، وهل هناك أجمل وأعذب من الحديث عن القرآن وأهله ، لنستمع أيها الإخوة والأخوات إلى أغرب موقفين للنساء مع القرآن من خلال هاتين القصتين واللتان عنونتُ لهما بـ ( أمهاتنا والقرآن ) فقد نشرت مجلة الدعوة قصتين لامرأتين كان من أمرهما عجبا ،
الأولى ، لامرأة كانت في السابعة والخمسين من عمرها ، بدأت بحفظ القرآن وعمرها خمسون سنة ، فقد ذهبت كما تقول هذه المباركة إن شاء الله تعالى ، لتسجيل بناتها في دار تحفيظ القرآن ، وقد لفت نظرها نساء كبيرات في السن يدرسن في هذه الدار ، فقررت الالتحاق بهذه الدار ومن ثم بدأت بالحفظ ، والعجيب أيها الإخوة والأخوات أن عندها في البيت كما تقول هذه الأخت ثمانية عشر فرداً هي تقوم على خدمتهم ولا خادمة لديها ، وكانت كما تقول : تستغل وقت الراحة لحفظ كتاب الله ، وكانت مما ساعدها على ذالك وصية معلمتها ، فكانت توصيها بقول الله تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) ثم تذكر أن القرآن كما تقول أعطاني قوة في البدن وبركةً في الوقت ، ....
وأعجبُ منها الأخرى ، فقد حفظت كتاب الله ، وعمرها أربعة وستون عاماً ، نعم ، أربعة وستون عاما ، فلنستمع لها وهي تقول عن نفسها : كان والداي رحمهما الله تعالى من حفظة كتاب الله تعالى ، وقد حرصا على تعليمنا إياه منذ صغرنا ولاسيما الوالد لأنه كان مجيد للقراءة المجودة ، فكان في فترة الضحى والظهر يععلمنا القراءة ، ولما أصبح عمري اثني عشر عاما ختمت القرآن نظرا ، ثم واظبت على قراءته حسب ما أقدر عليه يوميا وبعدما تزوجت كنت أقرأ جزئين أو أكثر ولم أفرط في هذه المداومة حتى بعد أن أنجبت الأولاد وكثرت مسؤولياتهم ، فكنت أتحين الوقت الذي لا شغل لي فيه لأستغله بالقراءة ، كبر أبنائي وتزوجوا ، كنت أجلس كل يوم فترة الظهر أقرأ ، فلما رأت ابنتي اهتمامي ، أشارت علي أن أبذل جهدي لحفظ ما أقدر عليها ، فاعتبرت رأيها بمثابة النصيحة ، سعيت للعمل بها كما تقول ، وعلى إثرِ تلك النصيحة ، بدأت بالحفظ بحمد الله تعالى ، كنت أجلس ظهر كل يوم أقرأ سورة وأرددها في كل وقت ، وأقرأها في الصلاة ولا أنتقل منها حتى أحفظها تماماً ، بقيت على هذا أربع سنوات ، أتممت خلالها حفظ سبعة عشر جزءً ، وخلال هذه الفترة ، فتحت عندنا في الحي دار لتحفيظ القرآن الكريم ، فسجلت بها ، وراجعت عند المعلمة ما حفظت ، ثم واصلت الحفظ ، وخلال عامين أنهيت الأجزاء المتبقية منه ، نعم ، واجهتني بعض الصعوبات ، كصعوبة الحفظ لتقدم السن ، ولكنني لم أستكن ولم أمل أمام هذه العقبة ، فرجائي بالله واسع ، وقلبي كان منغرقاً بهذه الأمنية العظيمة ، وبفضله ومنته تحققت لي ، وهل تظنون أيها الإخوة والأخوات أن همة هذه المرأة توقفت عند هذا الحد ، كلا ، فقد أصبحت كما تقول معلمة في المسجد تدرس نساء الحي طيلة أيام الأسبوع ، عدا يوم الأربعاء فهي تذهب إلى دار التحفيظ حتى تراجع حفظها عند المعلمات هناك ، حتى تقول هذه الأخت :
لقد أخذ الحفظ والتدريس جل وقتي ولم أعد أخرج من البيت للزيارات إلا قليلا ، إذا كان هناك واجب لابد من تأديته كزيارة مريضة مثلا ، حتى تقول : وأظن أن هذا أمر طيب لأن مجالس النساء فارغة لا خير فيها ، ثم توجه نصيحتها للنساء قائلة :
أوصيهن أن يوجهن اهتمامهن لكتاب الله عز وجل ففيها الخير الكثير ، ، انتهت قصتها وفقها الله تعالى ، ،

قلتُ : لا أخفيكم سراً أيها الإخوة والأخوات أنه تملكني شعور أن الأمة ما زالت بخير ووالله الذي لا إله إلا هو لقد وصل إلي عدد ليس باليسير من أخبار الحافظات ، فقلت في نفسي : أمة تتعلق مربية الأجيال فيها بكتاب ربها إنها لأمة خير أيتها الأم : لا يحولن بينكِ وبين كتاب ربك كبر ولا أولاد فقد سمعتِ من أخبار الكبيرات عجبا ، ويا فتاة الإسلام : دونكِ هذه النماذج ، يا من تتحججين بسوء الحفظ ومشاغل الأولاد إن الخلاص كل الخلاص في التمسك بكتاب الله العظيم ففيه الفرج والمخرج ، مع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدق القائل حيث يقول : وليس اغتراب الدين إلا كما ترى فهل بعد هذا الاغتراب إياب ولم يبقى للراجي سلامة دينه سوى عزلة فيها الجليس كتاب كتاب حوى كل العلوم وكل ما حواه من العلم الشريف صواب فإن رمت تاريخاً رأيت عجائباً ترى آدم إذ كان وهو تراب ولا قيت هابيل قتيل شقيقه يواريه لما أن أراه غراب وتنظر نوحى وهو في الفلك قد طغى على الأرض من ماء السماء عباب وإن شئت كل الأنبياء وقومهمُ وما قال كل منهُم وأجابُ وجنات عدن حورها ونعيمها ونار بها للمشركين عذاب فتلك لأرباب التقى وهذه لكل شقي قد حواه عقاب وإذ ترد الوعظ الذي إن عقلته فإن دموع العين عنه جواب تجده وما تهواه من كل مشرب وللروح منه مطعم وشراب وإن رمت إبراز الأدلة في الذي تريد فما تدعوا إليه تجاب تدل على التوحيد فيه قواطع بها قطعت للملحدين رقاب وما مطلب إلا وفيه دليله وليس عليه للذكي حجاب وفيه الدواء من كل داء فثق به فوالله ما عنه ينوب كتاب يريك سراطاً مستقيماً وغيره مفاوز جهلٍ كلها وشعاب يزيد على مر الجليدين جدة فألفاظه مهما تلوت عذاب وآياته في كل حين طرية وتبلغ أقصى العمر وهي كعاب وفيه هدى للعالمين ورحمة وفيه علوم جمة وثواب يا فتاة الإسلام : كوني كالأترجة ، لا أريدك أن تكوني كالتمرة ، وإنني أعيذك بالله أن تكوني كالريحانة أو الحنظلة ، تلك هي التي لا تقرأ كتاب ربها حينما هجرته ، واستبدلت ذالك بالمجلات الساقطة والروايات الهابطة ، حتى علا على قلبها الران فأصبحت لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ، والله تعالى المستعان ...

القصة السادسة : هكذا تكون التربية ..

ذكرت لي إحدى الأخوات هذه القصة العجيبة : حيث ذكرت أنها هي التي وقفت على فصولها حيث تقول : قمت في يوم من الأيام بإلقاء محاضرة في مجمع نسائي وكان موضوع هذه المحاضرة عن تربية الأبناء ، وما إن انتهيت من هذه المحاضرة حتى تقدمت إلي امرأة في حدود الأربعين من عمرها فأثنت ودعت لي بخير ، ثم قالت :
سأروي لك قصتي مع ابني ، لعل فيها العظة والعبرة ،فقلت لها : هاتي ما عندك يا أخية فقد استأنست بحديثها واستعذبتها ، فقد أحسست أنها تحمل في قلبها خيرا كثيرا ، وأحمد الله أن الله لم يخيب ظني فيها .. ولعلكم تلحظون هذا من خلال قصتها حيث قالت :
لي ولد شاب حرصت على تربيته التربية الصالحة واجتهدت في ذالك ، ووالله الذي لا إله إلا هو لم أفكر في يوم من الأيام أن أربيه ليخدمني في الذهاب والمجيء ، وإن كنت أفرح له بذالك حملا له على البر ليؤجر على ذالك ، وإنما كنت أربيه لأمة الإسلام ليخدمها في أي مكان ، ولو كلف ذالك روحه التي أحبها أشد ما يكون الحبيب ، شب على ذالك بحمد الله تعالى ، ولكن صوارف الزمن وفتن الشهوات تقلب الأولاد بين عشية وضحاها ، رفعت سماعة الهاتف في يوم من الأيام كما تقول هذه المرأة ، وإذا به يتحدث مع فتاة ، إلهي ، كم تمنيت أن الأرض قد ابتلعتني قبل أن أقف هذا الموقف ، فناديت ربي بقلب مكلوم ، وقلتُ : إلهي لم أربه لذالك فأقر عيني بصلاحه ، ثم ذهبت إليه فورا وقلت له وقد سبقتني دمعتي : يا ولدي ما ربيتك لهذه وإنما والله ربيتك للحور العين ، ويعلم الله ما في قلبي من الحرقة وأنا أحدثه بذالك ، حتى اطمئن قلبي ثقة بالله على عدم عودته إلى ذالك مرة أخرى ، اتصلت الفتاة مرة أخرى ، نهرها ثم أغلق السماعة ، وأطرق برأسه ، أحسست بعدها بتعلق ابني بالمسجد والقرآن ، حتى دخل علي في يوم من الأيام ، ووالله إنني أعتبر هذا اليوم من أسعد أيامي ، فقال : يا أمي أريد الجهاد ، فقلت : الله أكبر أي بني ، والله ما ربيتك إلا لمثل هذا ، ثم قالت : قد تستغربين من قصتي مع ولدي أخية ،
وقد تظنين أني لا أحبه ، ووالله لا أصف محبتي له إلا كما قال أبو كلاب لعمر لما قال له عمر وقد غاب عنه ابنه : يا أبى كلاب ، ما أحب الأشياء إليك اليوم ؟؟ قال ما أحب اليوم شيئاً ما أفرح بخير ولا يسوئني شر ، فقال عمر : يا أبا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم : قال : بلى كلاب ابني أحب أنه عندي فأشمه وأضمه ضمة قبل أن أموت ، بكى عمر وقال : ستبلغ ما تحب إن شاء الله تعالى ، والله يا أخية أنني أحبه حباً جما ، ولكن الإسلام عندي أحب منه ، دفعته إلى أرض الجهاد ، وما زال فيها ، ووالله يا أخية ، إنني أحب أن أشمه وأضمه ضمة ، ولكن بعد أن أموت وألقاه في الجنة بإذن الله ،، إنني يا أخية مع حبي له ، لا أعرف بماذا أكافئ من يبشرني باستشهاده ، إي والله ، هذا هو ما أأمل ، والده شفقة عليه قطع عنه المصروف الذي كان يرسله إليه طمعاً في رجوعه ، فتأملتُ ذهباً عندي ، وقلت لها يا نفس : أدركِ الجهاد بالمال على أقل الأحوال ، قمت ببيع ذهبي ، وكان كثيراً ، وأنا أقوم بين الفينة والأخرى بإرسال ما يسد حاجته ، ثم قالت وهي ذاهبة : هذا صنيعي مع ولدي البكر ، وأنا أعد إخوانه البقية لهذا الموقف ، وأسأل الله أن يعوضني خيرا ،، تقول هذه الأخت :

تسمرتُ في مكاني وأنا أعجب من صنيعها ، وقلت في نفسي : هذا هو ما تحتاجه الأمة ، ثم حارت العبارات في فمي ،،،،

قلتُ : وأنا قد حارت العبارات في فمي ، وللمرة الثانية أقول لكم معاشر الإخوة والأخوات : أترككم مع هذه القصة لتحدثكم عن نفسها فهي لا تحتاج إلى تعليق ....

القصة السابعة : قتيلة الأمة ...

أيها الإخوة والأخوات ، هذه مشاعر فتاة مهمومة ، أرقها ما تعانيه أمة الإسلام ، من قتل وتشريد في مشارق الأرض ومغاربها ، حيث تقول في رسالتها : بادئ ذي بدء أقول لكم يا من تستمعون إلى كلامي ، الوقائع ومداولة الأيام محك لا يخطئ ، وميزان لا يظلم ، ففي تقلب الدهر عجائب ، وفي تغير الأحوال مواعظ ، القوي لا يستمر أبد الدهر قويا ، والضعيف لا يبقى طول الحياة ضعيفا ، فهذا آدم عليه السلام تسجد له الملائكة ، ثم بعد برهة يخرج من الجنة ، وإبراهيم عليه السلام أراد به قومه كيداً فكانوا هم الأسفلين ، وأضرموا ناراً لحرقه ، فكانت برداً وسلاماً على إبراهيم ، نعم ، معاشر الإخوة ، إن من تأمل صروف الدنيا ورياح التغيير ، وأمواج التقلبات ، لا يفجع عند نزول البلاء ولا يفرح بعاجل الرخاء ، كم من أمة ضعيفة نهضت بعد قعود ، وتحركت بعد خمود ، وكم من قرية بطرت معيشتها فزالت من الوجود ، ذالك كلام جميل ، سمعته من أحد الدعاة ولولا مثل هذا لتمنيت الزوال من الوجود ...
أنا يا قوم فتاة مهمومة ، لا على ثوب أفسده الخياط كما تصوروننا معاشر الرجال ، لكن حال أمة الإسلام أهمتني ، وقطعت نياط قلبي ن ذالك القلب يضطرب إذا أصيب المسلمون بنازلة ، يسكن ويخفق إذا تحقق للمسلمين انتصار ، أفرح بانتصار يحققه المسلمون ، كما يفرح أحدكم بقدوم مولود وغائب ، وأحزن لهزيمة المسلمين كما يحزن أحدكم لفقد حبيب أو قريب ، أنا أقوم وأنام على هم الإسلام والمسلمين ، وأصحُ على ذالك ، دونكم شيئاً من مشاعري :
شريط أحرق فؤادي ، هذا الشريط ليس شريطاً من أشرطة الرخص والخنا ، إنما هو شريط يمثل هموم أمة ، شريط يتحدث عن مأساة الشعب الشيشاني ، يصف مشاهد ويجسد جراحات عميقة ، بعمق جراحهم ومعاناتهم ، لقد قطع هذا الشريط نياط قلبي ، حتى ظللتُ أبكي بكاءً حاراً ، من أول الشريط لآخره ، حتى تورم وجهي وغارت عيناي فلو دخل داخل علي لقال : مات لها ميت ، وما يدري أنهم أموات لا ميت واحد ، ألسنا ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ك ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضواً تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ،،، دونكم شيء من مشاعري :ـ
،،،نمرق ونمارق ، وتقول أما عن جثث جماعية لإخواننا في الدين ، رأيتها تغطى بنمرق ( بساط ) ذكرتني بنمارق تجلس عليها الشابات من طالبات الكليات ، يتجاذبن فيه أطرف الحديث الفارغ ، ويقضين الفراغ بالتفاهات إن لم تكن المحرمات ، ويتفلسفن بكل ما هو زيف من لون شعر ولون عينين وحركات مستعارة ، أنواع من الملاهي تجسد ذالك القلب اللاهي ، فكانت مقارنة حادة ، أحدثت جرحاً في قلبي ، فيا ليت صويحبات النمارق يوقظن ذالك القلب الفارغ ... دونكم شيئاً من مشاعري :
آلام سببها غلام ،!!! فتقول : أما عن مشهد محمد الدرة ، ذالك الغلام البريء ، فكلما شاهدت الفلم الذي يعرض بشاعة قتله ، قتلتُ قتله ، حتى إن ملذات يومي السابقة أجدها في خاطري تتكدر ، فإذا بها آية من فوق سبع سموات ، تخفف هذه اللوعة : ( وما يعلمُ جنود ربك إلا هو ) فحسبتُ أن هذه المشاعر التي شعرها العالم الإسلامي أجمع ، ما هي إلا جندٌ من جنود الله تعالى ، الذين أولهم بدءً من ذالك الغلام وآخرهم عندما ينطق الحجر ، دونكم شيئاً من مشاعري :
رب وا معتصماه ، وتقول عن فتاة فلسطينية رأيتها في شريط فيديو تساق كالقطيع أمام علجين يهوديين ، وكنتُ أفهمُ مشاعرها ، لأنها مهما يكن امرأةٌ مثلي ، تمشي منهارة المعنويات والقرى ، ثم نظرت إلى المصورين ، فاجتمع فيها ضعف المرأة وقهر الرجال ، ومذلة الموقف ، فصرختُ صرخةً أبكتني طويلاً وأحدثت جرحاً عميقاً في قلبي ، وذكرتني بالبيت: رب وا معتصماه انطلقت ملأ أفواه الصبايا اليتم لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم دونكم شيئاً من مشاعري : تفرحني وتحزنني ،،،
تقول هذه الأخت : عيني في قحطٍ على كل أمرٍ من أمور الدنيا لكنها عندما يخص الإسلام ، مدرارٌ بفضل العزيز الغفار ، كم تفرحني انتصارات الإسلام ، وتدخل السرور إلى نفسي ، وكم تحزنني أمور الخذلان للأمة ، دعواتي في صلاتي دونما أشعر ( اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واخذل الشرك والمشركين ) ، أنا يا قوم أعيش بحمد الله في أمنٍ وأمان ونعمة ، ولكنني والله الذي لا إله إلا هو قتيلة الأمة ....

القصة الثامنة : لن تموت أمة فيها مثل هذه ...

كم نستعذب الحديث عن الدعوة إلى الله تعالى ، وكم نأسى على ذالك ، تستعذب ذالك لأن الدعوة طريق الأنبياء ، ولما لا وفيها حياة الأمة ، ونأسى على ذالك لقصور الأمة في هذا الجانب ، ولكن مع ذالك فالبشائر تلوح في الأفق ، ولم لا ورحم الأمة ولود بحمد الله تعالى ، نعم ، تلك البشائر تلوح في الأفق في وقت ضعفت الكواهل عن حمل التكاليف ، واستثقلت أعباء المجد ، وغلبتها سنة من النوم والكسل ، ومع ذالك فأمة الإسلام أمة لا تموت أبدا ، أما لماذا ؟؟ فلأن رسالة هذه الأمة وحي من السماء ، وليست وحي الجوع والمطامع ، أوحاها ربنا الذي خلق الموت والحياة ، وجعل الظلمات والنور ، وكان مما أوحى إلينا : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )ولا يمكن أن يتحقق هذا النداء إلا بأمة داعية تستشعر الخير وتعمل من أجله ، بل وتضحي بكل غالٍ ونفيس من أجل ذالك ، نعم أيها الكرام ، لعل من سر عظمة الإسلام ، هذه البشائر التي تلوح في الأفق بين الفينة والأخرى ،
ولنستمع إلى شيء من ذالك من خلال قصة هذه الفتاة وقد وقفت على فصولها ، بعد أن كتبت لي إحدى الأخوات عن قصتها حيث تقول :
هي فتاة من الفتيات الصالحات المصلحات ، نحسبها كذالك ولا نزكي على الله أحدا ، تحمل هم الدعوة إلى الله تعالى معها في كل مكان ، فهي لا تنفك عن الدعوة إلى الله على كل حال ، تتألم لواقع أمتها ، هذه الفتاة تقدم لخطبتها شاب معه زوجة أخرى لكنها مريضة ، تقول هذه الأخت : لكنها مترددة ليس بسبب أنه معه زوجة أخرى ، بل هي تطمع بالمعدد لتتفرغ في بعض الأيام للدعوة إلى الله تعالى ، وإنما الذي جعلها تتردد هو أنها تطمع أن تشاركها في زوجها أختٍ لها في الله تعالى فتسير معها جنباً إلى جنب في الدعوة إلى الله تعالى بل تذكر عنها هذه الأخت أنها تقول : والله إني جعلت هذه الأخت هدفاً أسعى لخطبتها لزوج المستقبل إن شاء الله تعالى ، ليست هي والله عواطف ، وإنما هو هم أحمله على عاتقي ،وأنا أعي ما أقول ، والله لطالما رددت قول الله تعالى : ( واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصير ) وأرجوا الله تعالى أن يتحقق ذالك لي ، كما تحقق لموسى بقوله : ( قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ) ، نعم والله ، أريدها معينة لي على الدعوة ، وأريد أن أعينها على الدعوة إلى الله تعالى ، ثم تقول هذه الأخت : إن هذه الأخت حدثتني أن صديقتها رأت فيّ رؤيا مرتين متتاليتين وقد سألت عنها من يجيد تعبير الرؤى ، فحاول أن يعمي علي ، فقلت أسألك وأجبني ، أتعبيرها كذا وكذا ، وهو ذالك الهم الذي أحمله ، قال : نعم ، قلتُ : ولما لم تصارحني ، قال : كنت أخشى من التفريق بينكما ، فقلت في نفسي : عن هذا كنت أبحث ، انتهى ما كتبته هذه الأخت وفقها الله تعالى ..

أيها الإخوة والأخوات : أما أنا فأردت أن أعبر عن هذا الموقف فأعجم لساني عن البيان ، غير أني قلت : لن تموت أمة فيها مثل هذه النماذج ...

القصة التاسعة : قليلة المتاع كثيرة البركة ...

أيها الإخوة والأخوات : ما أجمل الحديث عن الدعوة إلى الله تعالى ، وما أحلى السير في ركابها ، دونكم ما كتبته إحدى الأخوات عن قصة امرأة أشرب قلبها حب الدعوة إلى الله تعالى حيث تقول :
عنوان رنان ، وصدر لقصيدة حزينة اجترتها أوتار المفسدين ، وعزفت ألحانها أقلام العلمانيين ، وتراقصت أمامها طوابير المنهزمين ، إنها صورة المرأة اللاهية العابثة ، التي ما إن يقرّ قرارها في البيت ، حتى تطير مرة أخرى لاهثة خلف الحطام ، وقد خلفت وراءها أسرة متداعية الأركان ، متراكبة الأحزان ، قد أسلمت قيادها لامرأة غربية ، أسمتها الخادمة ، أو صورة لهالكة أخرى جعلت من نفسها غرض النظرات ، وهدفاً رخيصاً في كل المجلات ، طمرت معالم وجهها تحت ركام الألوان ، وأخذت في كل وادٍ تهيم بلا عنوان ، تبحث عن مجدها المفقود وعزها الموؤود ، وما باءت إلا بهوان ، رويدكم يا بني قومي ، ليست هذه من أعني ، وليست هي من أريد ، هذه الصورة التي تقدم لنا من خلال الأشرطة والمحاضرات ، لا تمثلنا معاشر النساء الفضليات ، لستُ ممن يلقي القول جزافاً ، فهمتنا للخير عالية كما تقول هذه الأخت ،،، ودونكم شيئاً من أخبارنا ،،، هي قصة لامرأة أعرفها تمامم المعرفة ، كما تقول هذه الأخت : هي امرأة لكنها ليست كالنساء ، الكادحات الكالحات ، بل ملكة متوجة ، خريجة قسم أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود رحمه الله تعالى ، وهي متزوجة ، تدير شؤون مملكتها بنفسها ، ترعى حق الله تعالى ، وحق زوجها وأهله ، تقوم على خدمتهم وترعى شئونهم صابرة محتسبة ، تقوم بأعباء المنزل ولا خادمة ، مع قيامها بحق أم زوجها المسنة ، لكن ، لم يهنأ لها بال وهي ترقب السالكين والسالكات في طريق الدعوة إلى الله تعالى ، نعم ، كانت ترقبهم بطرف حزين ، نعم ، لم يكن ليهنأ لها بال وهي لم تدلي بدلوها بين دلاء الداعيات إلى الله تعالى ، لتأخذ على إثر ذالك نصيبها من الخير ، كانت تحاول أن تجد لها موضعا ، فما كانت لترضى العيش في الأسافل دون الأعالي يتراوح لها قول الشاعر : وما للمرء خير في حياة إذا ما عد من سقط المتاع ولكن هذه الرغبة اصتدمت برفض زوجها لخروجها إلى ميادين الدعوة على اختلافها ، لكن ما زال الهم في قلبها يكبر ويكبر مع مرور الأيام






 الموضوع الأصلي : صانعات المآثر // المصدر : منتديات اور اسلام // الكاتب: hadi moa




hadi moa ; توقيع العضو




مواقع النشر (المفضلة)


الــرد الســـريـع
..
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة



خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
صانعات المآثر , صانعات المآثر , صانعات المآثر ,صانعات المآثر ,صانعات المآثر , صانعات المآثر
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ صانعات المآثر ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا






مواضيع ذات صلة



بدعم و تطوير من : منتديات اور اسلام
Powered by Ourislam1 . Copyright © 2012
تصميم منتديات اور اسلام لخدمات الويب نتشرف بخدمتكم