الثلاثاء أبريل 24, 2012 5:16 am
رسالة بيانات كاتب الموضوع
الشبـــاب والوجـه الآخـر المعلومات الكاتب:
اللقب:
Admin
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات عدد المساهمات : 184 نقاط : 456 تاريخ التسجيل : 29/08/2010
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
موضوع: الشبـــاب والوجـه الآخـر [color=brown]بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . - أما بعد –( يا أيها الذيــن آمنــوا اتقــوا الله حق تقــاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) -أما بعد- معاشر الاخوة والأخوات ,,, لله در حفصة بنت سيرين حين قالت : يا معشر الشباب اعملوا فإني رأيت العمل في الشباب هو القوة , فالشمس لا تملأ النهار في آخره , كما تملئوه في أوله ! في الشباب نوع من الحياة , تظهر كلمة الموت عنده كأنها أخت لكلمة النوم . وفي الشباب تصنع كل شجرة من أشجار الحياة أثمارها , وبعد ذلك لا تصنع الأشجار كلها إلا خشبا! الشباب .. توثب روح , واستنارة فكر , وطفرة أمل , وصلابة عزيمة , وما ظهر الدين وعرف الناس شرائع النبيين , إلا بفضل الشباب الصالحين , الذين استجابوا لربهم وللرسول . فهم النقباء والحواريون , والأنصار والمهاجرون . وهم العلماء والمعلمون , والخطباء المصنعون , والتاريخ أصدق شاهد من فضل الشباب الناشئين في طاعة الله والله تعالى يقول في أصحاب الكهف . ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) . إن العصبة المؤمنة , التي تركزت في دار الأرقم , وعلى يديها تحقق نصر الإسلام , كانوا شبابا ! عبد الله ابن مسعود , وابن عوف , وبلال , وعمار ابن ياسر , هم وغيرهم , كانوا شباباً مع رسول الهدى عليه الصلاة والسلام , وأبو بكر وعمر , رضي الله تعالى عنهم , مع علي رضي الله تعالى عنه . بل كان معهم الأرقم ابن أبي الأرقم , كان عمره إحدى عشرة سنة , وهو الذي تأسست في داره , أول دار علم في الإسلام . هؤلاء السلف , لهم خلف من شباب هذه الأمة المباركة , ومن الإنصاف أن نتحدث عن هؤلاء , شرحاً لصدور أهل الإيمان , وكمداً وغيظاً لأهل النفاق وبني علمان ! هم شباب .. يعيشون في حاضرنا , ويمشون بيننا , سمت أنفسهم وارتفعت , في وقت دنت همة بعض الشباب وسفلت , أُزجي لك حديثهم , علَّها تكون نبراساً لك ! ومثلاً يحتذى به ! لن أحدثك أخي الشاب , عن شباب السلف , حتى لا تقول لعل الرواية ضعيفة ! وقد تقول بعد تصديق الرواية , هؤلاء عاشوا في زمن غير الذي نعيشه ! كلا ! تعال أسامرك وأحدثك عن صنيع هؤلاء , من خلال قصص وضاءة , لشباب هذا العصر ! وربما كان منهم من هو أصغر منك سناً ! قصص منها ما وقفت عليها , ومنها ما حدثني به الثقاة , فتعال معي أخي الشاب إلى الصفحات العطرة , وقبس من حياة الشباب , الذي أفنوا أعمارهم في طاعة الله عز وجل . عشر قصص ! لا .. بل عشر سهرات أقطفها لكم , سائلاً المولى أن ينفع بها , فهلموا اخوتي وأخواتي إلى رحاب هذه القصص .! القصة الأولى : همة شيخ في جسم صبي .! هل تعجبت يوماً من همة شاب يسعى للمعالي , يستعلي على طيش الشباب وآمال الهوى ! إذن ..فلا يأخذنك العجب حيرةً , ولا يحركنك النبأ همةً , في صبي ينبوا عن الرذائل ويفزع عن النقائص , ويعتزل الصبيان ! لقد استبدل لثغة الطفولة , بفصاحة الرجولة . عفواً .. هو ليس بشاب ! ولكنه طفل ! قرأت خبره في ورقة , وتأكدت من هذه القصة , فجئتكم بنبأ يقين . عمره ست سنوات , عفواً , أعيد حتى تسمع جيداً ! عمره ست سنوات ! في الصف الأول الابتدائي , يحفظ من القرآن ثلاثة عشر جزءً , ( يا يحي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ) . من السُنة ما يقرب من خمس مئة حديث , وليس هذا هو موطن العجب , فلربما شاركه غيره في ذلك ! ولكن العجب في مواقف حصلت منه , تقصر عنها همم الرجال ! كأني به يستشري سبل المعالي , ينظر بعين عقله , لا بعين جسمه وسنه , يطأ بقدمه طريق الشهوات ليحطمه , يحتكم بلسان الحكماء وتجربه الشيوخ , يستثير الألسن الصامتة , ويحرك الأقلام الراقدة , غريب في نفسه ومزاج عقله , ونزعات أفكاره وأساليب تفكيره , غير مطبوع على غرار الرجال , فكيف بالصبيان , فلنستمع إلى شيء من خبره . يذكر عنه معلمه مواقف حدثني هو بنفسه فيها , حيث يقول : في نهاية الفصل الدراسي الأول , أخرجنا الطلاب لساحة المدرسة لقضاء بعض الوقت في اللعب , أما هو فقد انطلق إلى المكتبة , فهي قرة عينه , لا يكاد يفارقها , فقلت له : فلان , قال : نعم , فقلت : لمَ لا تذهب مع الأولاد لترفه عن نفسك , فقال : يا أستاذ أتريد أن أضيع وقتي كما ضيعوا أوقاتهم ! يقول الأستاذ : فسألته عن الإجازة كيف سيقضيها ! فأخبرني أنه قد صاغ جدولاً يستفيد من خلاله في الإجازة , يقول فقلت له : إذن , فأنت لن تستريح في هذه الإجازة ؟ فقال: والله لن أرتاح حتى أطأ بقدمي هذه في الجنة ! , وأشار إلى رجله اليمنى , إي والله , هكذا قال ! كما حدثني بذلك أستاذه . لقد ذكرني موقفه هذا بموقف لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى , عندما كان غلاماً حدثاً , فقد روي أن أباه وأخاه وجماعة من أهل بلده , سألوه أن يروح معهم في يوم عيد وليتفرج , فهرب منهم ولا ألوى عليهم ولا تفرج , فلما عادوا آخر النهار , ولاموه على تخلفه , وما في انفراده من تكلفة ومشقة , قال : أنتم ما تزيد لكم من شيء ولا تجدد ! وأنا حفظت هذا المجلد ! , وهذا المجلد هو " روضة الناظر وجُنة المناظر في أصول للفقه لابن قدامه عليه رحمة الله تعالى " . هذا الغلام ! هذا الحدث ! يحمل هم الدعوة إلى الله تعالى , حدثني مديره , أنه ما بين الفينة والأخرى , يدخل علي في الإدارة , فيقوم بثبات واعظاً وموجهاً ومذكراً بالله تعالى ! حتى يقول : ألفت منه ذلك , بل جعل ذلك على هيئة وقفات , في زماننا شعيرة كانت شعاراً للسلف , فأصبحت دثارا ! لها من حياة هذا الصبي نصيب , بل هو النصيب الأكبر منها , فما يرى من منكر إلا أنكره ! وإن عرف معروفاً أمر به ! ولنستمع في هذا المجال إلى قصته ! يقول معلمه : ومن مواقفه في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , يقول : أتى موجه إلى الفصل فسأل الموجه أحد الطلاب , فأجاب , فقال الموجه للطلاب أحسنت صفقوا له , فما كان من هذا الطفل الذي تربى على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , إلا إن قام وقال : اتقي الله يا أستاذ التصفيق حرام ولا يجوز , وهو من عادات اليهود والنصارى , ثم أردف ذلك بتلاوة قوله تعالى ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديه ) الله أكبر ! هكذا فليكن هم الإصلاح ! لما تخلى الكبار , فلعل طفلاً يحرك فينا ساكنا ! ويشعل نار الغيرة على هذا الدين , بعد أن كادت تكون رماداً ! يقوم الليل , لصلاة الليل , ويوقظ أهله لصلاة الفجر . بل من أعجب ما سمعت من معلمه هذا الموقف , يقول معلمه : دخلت الفصل في يوم من الأيام , فرأيته مهموماً ! فسألته عن السبب , فقال لي : لقد أصابني الأرق , ليلة البارحة فلم أنم , - أتظنون معاشر الاخوة والأخوات أنه أرَّقه وأهمه حبيب صد عنه , أو فريق انهزم , كلا , يقول أستاذه : فظننت أنه مريض , فسألته عن السبب وكانت المفاجأة , حين قال لي : أرقتني آية في سورة الرعد ! إذن أفلا نستحي ! فلا إله إلا الله . أينكـــم يا شباب الأمة ! يا من أرقهم الحب والطرب ! ولا إله إلا الله . أينكم يا من أرقهم فريق انهزم ! توبوا إلى رشدكم , وعودوا إلى ربكم ! حتى يقول أستاذه : لكل يوم , وفي كل صباح له نبأ وعجب ! قصة غريبة المتن ! صحيحة السند ! سقتها لأمور : 1-قدرة الله تعالى لا يحدها زمان , ولا تظهرها في النبوغ فئة دون أخرى فكما كان البخاري يبهر زمانه , وابن تيميه الذي حير شيوخه , وغيرهما كثير . فهذا الصبي في عصرنا , أسال الله تعالى أن يثبته وأن ينفع به . 2-لا بد من كشف النابغين والاهتمام الخاص بهم , ليخرج لنا ومن تحت أيدينا علماء مصلحين ينفع الله بهم الحاضر والباد , فهل يعي المربون والمصلحون هذا ؟؟ 3-إنما سقت هذا لعدم الاستخفاف بهؤلاء الصغار , والحط من قدرهم , وفي سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام , " يا غلام احفظ الله يحفظك " . الحديث 4-لعل في هذه القصة وغيرها , تحريك لجوانب مشرقة , ومعالي أمور كادت أن تندرس , حتى من حياة بعض الصالحين . يا أيها الآباء والأمهات , كم من نوابغ ونابغات في البيوت , ركناهم على جانب الطريق ! فتخرجوا من الشوارع يحملون معاول هدم للأمة , فهل من التفاته إلى هؤلاء ! هذا هو المُأمل والمرتجى ! * * * * * * * * * * * * * القصة الثانية : ابن من هذا ..! هي قصة لفتى في الثانية عشر من عمره , يحفظ كتاب الله تعالى عن ظهر قلب , تقدم في حفلة لتخريج حفظة كتاب الله تعالى , في إحدى مدن المملكة , لعام 1423هـ . هو من شباب الإسلام ! والذين هم عماد الأمة وفجرها المنتظر ! لفت الأنظار , فتى في مقتبل العمر , تقدم فأبهج الحضور ! عطر الأسماع بآيات الله , بلكنة تشم منها رائحة الطفولة . نعم ! بصوته العذب , ونبراته الجميلة , وطلعته البهية , يحفظ كتاب الله كاملاً , يردد آيات الله . (وإنه لتنزيل من رب العالمين) , ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) . يترنم بها ذلك الفؤاد الغظ , ليعيد المجد , فالشبل من ذاك الأسد . نعم ! إنه شبل الإسلام , حفيد عمر وسعد , تخيلته تعلوه سيم الجد , حيث كان موقعه , وأين ما كان اتجاهه ! سهم مشرع , يذود عن شريعة الإسلام , شمعة وقادة , يقتبس الجميع من نورها . يشعل قنديل الأمل , ويرسم بالقرآن الطريق , حتى يعود عزنا العريق , فيلبس ثوب البريق , ابن من هذا الذي يحمل القرآن ! إنه ابن الإسلام ! لم يعد يتلوا المستحيل ! فعزائم الصالحين أبت إلا أن تنسج خيوط الأمل , فمضوا في طريق الجد والعمل ! إنها المعاهدة والرعاية للبذرة الصغيرة , حتى تخرج شجرة شامخة , جذورها عميقة , وفروعها ممتدة , وثمارها يانعة ! إنها التربية التي جعلت من البيت واحة إيمانية , ليس فيها للفتن مكان , ولا للشاشة وما يعرض فيها مدخلاً على القلوب , فكان لهذا الجهد ثمرة , فكم من طفل لم يجاوز العاشرة , يردد أغنية ماجنة أو خلف شاشة أو على مدرج كرة , وصدق نبي الهدى عليه الصلاة والسلام , حيث قال " ما من مولود إلا ويولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " أعلمتم ابن من هذا ! إنه ابن الإسلام ! فأينكم منه يا شباب اللهو والعبث ! ما زال في الأرض ميدان ومتسع *** للحي يدركه من جد في الطلب ولم يزل في نفوس الناس منطقه *** محمية سكنت بالخوف والرعبولم تزل نخلة الإسلام باسقة *** مليئة بعذوق التمر والرطب ولم تزل واحة الأخلاق مخصبة *** فيها مشاتل من تين وعنب * * * * * * * * * * * * * القصة الثالثة : رجل قلبه معلق بالمساجد .! نعم إن لم يكن هو فمن يكون ! إذا فقد وجد في المسجد ! وبرهان ذلك , ودليله أنه مات في المسجد . عمره تسعة عشر عاما , أخوه حدثني بقصته حيث يقول : كان أخي كثير الملازمة للمسجد , إذا فقدناه وجدناه في بيت الله ! إذا طوى الليل ثوب السواد , ولملم القمر شتات الضياء , وتنفس الصبح نسيمه العليل , ونادى المنادي في النيام , الصلاة خير من النوم , وإذا هو استيقظ قبل ذلك يصلي ما شاء الله , ثم يخرج إلى المسجد ذاكرا , ولربه شاكرا , ولفريضته باغيا . هو شاب في مقتبل العمر , دمث الأخلاق , حلو المعشر , كثير الحياء , قليل الكلام إلا في الخير , قلبه معلق بالمساجد , وأنعم بها من خصلة وصفه . قرت عينه في الصلاة , لقد نشأ في طاعة الله , روحه تعلقت بالإيمان , وقلبه تعلق بالقرآن , لم تغره الدنيا بملذاتها . لقد كانت تناديه بمزاميرها فلا يلقي لها بالاً , تجرد من لباس الهوى , وارتدى لباس التقوى , ومن أراد الآخرة وكلنا كذلك , ولكن الفرق أنه كان يسعى إليها ! ( وسعى لها سعيها وهو مؤمن فألئك كان سعيهم مشكورا ) يقول محدثي : وتمر الأيام عجلى , وأخي لا يزال على تلك الحال , يجاهد نفسه على طاعة الله , وترك الملذات في سبيل الله , ملازمٌ لمسجده يحذوه الأمل , يهزه الشوق , وفي أحد الأيام خرج من المسجد قاصداً المنزل , وفجأة وبدون سابق إنذار كما هو حال الموت , فإذا بالنفس يضطرب , والجبين يعرق , والضعف يدب في الجسد , أخذ يقلب بصره يمنه ويسرة , يتمنى الرجوع إلى بيت الله تعالى , لأن من أحب شيئا عاش عليه , ومن عاش على شيء مات عليه , حقق الله مراده , دخل في المسجد مرة أخرى بشهادة من رأوه , بعد ما خرج منه , استلقى على ظهره , وهو يردد آمنت بأن الأمر حق , لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله , أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله , وأن الموت حق , لم يزل يتشهد ويذكر ربه , حتى فاضت روحه إلى بارئها . الله أكبر ! ما أعظمها من خاتمة حسنة , اشتاق للقاء ربه , فاشتاق ربه للقائه . ما أعظم التعلق بالله , والإقبال على بيوت الله , فقد عظم الأجر , وازداد الفضل , لمن قصد بيته وأقبل على ربه , وشمر عن ساعديه واكتسى حلل الإيمان , ولازم المسجد والقرآن , فما أسعده وما أهناه ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم " فسبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله , وذكر منهم ورجل قلبه معلق بالمساجد " . بشراك أيها الشاب بظل الرحمن , وروح وريحان , ورب راضٍ غير غضبان , آنس الله وحشته , ورحم الله وحدته . بينما الفتى مرح الخطى فرح بما *** يسعى له إذ قيل قد مرض الفتى إذ قيل بات ليله مانامها *** إذ قيل أصبح مثخنا ما يرتجى إذ قيل أصبح شاخصا وموجعاً ***ومعللاً إذ قيل أصبح قد قضى .! * * * * * * * * * * * * * القصة الرابعة : مفتاح المسجد .! لا .. لن أقول رجل قلبه معلق بالمساجد , ولكن , طفل معلق قلبه بالمساجد , فاستمعوا أيها الشباب , يا خيبة من تخلف عن بيت الله عز وجل , أقرانه تعلقت قلوبهم بمساحات خالية في الحي , يركلون الكرة , أما هو فقد تعلق قلبه ببيت الله , نعم هو طفل في جسمه وسنه لكنه كبير في تصرفه وحكمته , اسمه أحمد , وله من اسمه نصيب , كتبت إليَّ إحدى قريباته بقصته حيث تقول : أحمد طالب في الصف الثاني ابتدائي , أنسه وقرت عينه حينما يدخل بيت الله , هو لا يقصد بيت الله إذا سمع الآذان فحسب , بل إنه يذهب إلى المسجد قبل الآذان ! فلله دره , لقد تخيلت صورته , وأنا أقرا قولا للإمام الشيرازي رحمه الله تعالى , حيث يقول : إذا سمعتم حي على الصلاة , ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة ! يقول ذلك وهو رجل ! لكن كيف نقول في حال هذا الغلام ! أتدرون ما الذي حصل مع هذا الغلام الأشم ! لقد أعطاه إمام المسجد مفتاح المسجد ! ولمَ لا ! وهو أول داخل وآخر خارج ! تخيلته يقف على أطراف أصابعه ليتمكن من فتح الباب , تذكرت عمير ابن أبى وقاس , حينما وقف في صفوف المقاتلة , وأتى النبي صلى الله عليه وسلم , يستعرض المقاتلة , فلما صعّد النبي صلى الله عليه وسلم بصره إلى عمير , خاف أن يرده فقام على أطراف أصابع رجليه ليبدوا طويلاً ليجيزه في المقاتلة ! وقفوا على هام الزمان رجالاً *** يتوثبون تطلعاً ونضالً وحي السماء يجيش في أعماقهم *** ونداءه من فوقه يتعال باعوا النفوس لربهم واستمسكوا *** بكتابه واستقبلوا الأهوال فامتد في شرق البلاد وغربها *** نورٌ تتيه به الحياة جمال فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** أسدٌ تُخلف بعدها أشبال فيا أيها الشباب .. هل فيكم من أحمد ؟ المسجد يا شباب الأمة , نرشفُ من حسنه فيض الهدى , المترقرق المنساب ! هنا الألق السني , هنا النور الخلاب , الطهر في لئلائها , والنور في أنحائها . هنا تسجد الأرواح , هنا عطر الأرواح , ينشق لا الزهر , هنا الطهر يفوح عبيره الوثاب . المسجد ! المكان المجنح بالطهر , حتى غدى أزكى من الزهر ! غذته النطف . المسجد ! منبع الرحمة , يشتاق الراكعون لرحابه , من هذه المساجد معاشر الشباب , ينطلق نشيد السماء العلوي المقدس , الله أكبر ! هذا الدعاء التي تتجاوب أصداؤه بين الجوارح المؤمنة , فتهتز له حبات القلوب الخاشعة , مع كل صلاة ! لا .. بل مع كل خفقه من خفقات الأفئدة ! الله أكبر ! نداء المساجد , من فوق هامات المآذن حين تصبح , وحين تظهر , وحين تمسي , هذا هو المسجد في خاطري وشعوري , هنا السماوات تبدوا قرب طالبها , هنا الرحاب فضاء حين يلتمس , هنا الطهارة تحيا في أماكنها , لا الطيب يبلى , ولا الأصداء تندرس , فلزموا يا شباب أماكن الطهر والتقى والهدى والله تفلحوا ! * * * * * * * * * * * * * القصة الخامسة : جبل سرت فيه حياة .! تناثرت أمام مخيلتي أوراق , تحمل نماذج مشرقة لجيل الصحوة المباركة , فحمداً لله على ذلك . وجدت من بين تلك الأوراق , ورقة ينتابها الهدوء , والوقار والسكينة عن صويحباتها . فبدأت أقلب أجزائها وجوانبها , بلهفة وشوق , وجدت نفسي أمام قصة شاب , لا بل أمام قصة جبل , جاهد في ميدان لا تحده الحدود ولا ترده القيود , والناس فيه ما بين مقل ومستكثر ! إنه ميدان الدعوة إلى الله تعالى . تملكني الأسى , وأنا أقرا قصة ذلك الشاب , تألمت لحال بعض شباب الإسلام , أيامهم تهدر , وأيامهم تضيع , والمسلمون في أشد الحاجة إلى من يعلمهم ويفقههم ! قصة لشاب كغيره من الشباب , له وظيفة ولديه زوجة وأطفال , له مشاغل في الحياة , وهموم في النفس , يتطلع إلى تلك الأسرة الصغيرة تنمو مع الأيام . ولكن , هو مع ذلك قد أشغله هم الدعوة إلى الله تعالى , كالطائر لا يستكين ولا يلين , هانت عليه نفسه في ذات الله , لما عرف أن السلعة إذا غلت احتاجت لثمن غالٍ ! ولكن الله عز وجل بحكمته أراد شيئا آخر . ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ). فلقد ابتلي هذا الشاب بأحد الأمراض المستعصية , أصبح يصارع المرض , يعاني من الألم , كان همه الدعوة إلى الله قبل مرضه , شمر ما يقارب من أربع سنوات , وهو مدة مرضه , شمر عن ساعد الجد في الدعوة إلى الله تعالى . رغم مرضه وألمه , يخطط ويكتب وينفذ , ثم يتابع بدقة جميع الأعمال , أخذ نفسه بالهمة والعزم , ينظم الدروس والمحاضرات في إحدى مكاتب الدعوة . آمن بان الدعوة إلى الله من الجهاد في سبيل الله . فلازم هذا الميدان , رغم شدة مرضه , في تلك الأثناء , حصل تحسن بسيط في حالته , عاد إلى صحته , وهو لا يزال ملازم لدعوته , في معهده , في مكتبه , في مجتمعه . لقد كانت رحلة طويلة , عانى فيها ذلك القلب الشيء الكثير , وتدور عجلة الأيام , وتمضي عقارب الساعة , وهاهو قد أعياه الألم , لقد بدأت الخلايا السرطانية تعاود نشاطها من جديد , ومع ذلك فهو يحمل هم الدعوة إلى الله . يجوب القرى , وقد تأبط كيساً لا يفارقه في حله وارتحاله , وهو مشتغل بدعوته , أتدرون ما هذا الكيس؟؟؟ إنه ليس لحمل الفطائر والحلويات! ولا لشيء من المشروبات يستجم بها من عناء التنقل من قرية إلى قرية ! كلا .. بل هو لحمل ما يخرج منه من بول , حيث أصبح بسبب المرض لا يخرج من مخرجه الطبيعي ! ضرب المرض جسده , فأسره الفراش , الأيام تمر بطيئة , والساعات بالحزن مليئة , امتلأ القلب بشحنات الخوف والرجاء , أفكار كثيرة , وتداخلات أكثر . ولكنها الحقيقة , لقد فارق الحياة ! ولكن العجب! أن من حوله ذكروا أنه كان يوصي , وهو في لحظاته الأخيرة , بالدعوة إلى الله عز وجل , ويسأل عن أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها . فإلى جنة الخلد إن شاء الله , ورحمه الله رحمة واسعة . يا أيها الأصحاء ! يا أيها الشباب ! هاهي الشهور والأعوام تنصرم ! فمن الناس من قضى نحبه , ومنهم من ينتظر , وإذا بلغ الكتاب أجله , فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون , ومن يعش فإنه يرى حلواً ومراً , فلا الحلو دائم والمر جاثم , والآلام تكون بعد زوالها أحاديث وذكرى , ولا يبقى للإنسان إلا ما حمله زاداً للحياة الأخرى . * * * * * * * * * * * * * القصة السادسة : داعية البيت .! قال تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صاحبنا انطلق من خلال هذه الآية , للدعوة إلى الله تعالى , هو المنهج الصحيح , والقاعدة الأساس في طريق الدعوة إلى الله عز وجل . ألم يخاطب الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام , بقوله ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) . فيسارع النبي عليه الصلاة والسلام , إلى تطبيق هذه الآية . تأمل أخي الشاب , قصة هذا الشاب علَّها تكون نبراسك لك في طريق دعوتك . كتبت إليّ إحدى الأخوات قائلة : أنا فتاة حافظة لكتاب الله تعالى , ولله الحمد والمنة , فالله هو الذي يعطي ويمنع , ويهب العلم لمن يشاء جل جلاله . ثم تَذكُرُ في رسالتها قائلة : لكن الفضل يرجع بعد الله تعالى إلى أخي وفقه الله تعالى , فقد افتتح لنا حلقة في المنزل , مع أختيّ وهن يكبرنني سناً , وكان موعد الحلقة بعد صلاة العصر من كل يوم , ففي كل يوم أحفظ وجهاً ثم أسمع له بعد صلاة العصر مباشرة , وهذا الوقت لا يمكن أن يرتبط أخي فيه بأي موعد , إلا بعد انتهاء الحلقة , وهو مع ذلك يخصص لنا بعض الأجزاء للمراجعة , بل لقد كنت أراجع أختي في بعض الأحيان , من ثمانية أجزاء إلى عشرة , ليقوم أخي بالتسميع لنا على فترات متقطعة في اليوم الواحد . ما النتيجة !! وما الأثر !! النتيجة بحمد لله , كما تقول هذه الأخت , أنني حفظت القرآن الكريم في سنتين وخمسة أشهر تقريباً ! وأختي الأخرى , حفظته خلال أربع سنوات ! أما أختي الثالثة , فكانت قراءتها ضعيفة , فاجتهد معها أخي حتى أجادت القرآن تلاوةً , ثم حفظها خمسة أجزاء ! فلله درهُ من داعية في البيت ! فأين هو يا شباب الأمة ! من بعض الأخيار الذين ينطبق عليهم المثل القائل: النخلة العوجاء بَطَاطُها في حوض غيرها ! نعم ! إن بعض الشباب مع فارغ الأسف الشديد , يضرب في مجال الدعوة يمنة ويسرة , في مدرسته , في مجتمعه , في حييه , في سوقه , وهو يشكر على هذا ! ولكن أهل بيته , ليس لهم نصيب ! نعم ! ربما اجتهد بعض الأخيار في نصح أبناء الحي , وينسى إخوانه ! ربما كان معلم حلقة , يحفظ أبناء الحي قدراً لابأس به من القرآن الكريم ! وهو مأجور على ذلك , ولكن أهل بيته , ليس لهم نصيب ! تأمل أخي الشاب , في حال بيتك لترى كم هي الأخطاء , التي تحتاج إلى إصلاح وتقويم وتهذيب ! نعم ! لتجعل جزء من همك ووقتك , لدعوة أهل بيتك ! كم هو جميل حينما يطلق عليك , لقب داعية البيت ! فهل نفخر منك بذلك ؟؟ هذا هو المُأمَلُ والمرتجى ! وهذا هو حسن الظن بك , وفقك الله تعالى وسددك , وبارك في خطاك . * * * * * * * * * * * * * القصة السابعة : أريد عيني للجهاد .! شاب سَمَتْ نفسه وعلت همته . وهل هناك أسمى يا شباب الأمة وأغلى ممن وضع كفه في راحته يطلب الموت مضانه . شابٌ طَلِقُ المُحيا , تعيش مع ذكره في وقت السلف , حينها توقن والله الذي لا إله إلا هو عن خير في الخلف . ولمَ لا ! والخير في هذه الأمة بخبر نبي الأمة , باقٍ إلى يوم القيامة . ما بين حرام ابن ملحان وهو يقول فزت ورب الكعبة , حينما طعنه جبار ابن سلمى رضي الله تعالى عنهما . أقول ما بين حرام وقصة شابنا هذا , قصص مدوية يقرئها المسلم , فيعلوا بهامته الثريا شرفاً وعزاً وسؤددا . إن كنا نشتكي من عيون تكحلت بالحرام , تسهر إلى هزيع الليل ! بل وفي وقت النزول الإلهي ! على مشاهد مخجلة بذيئة , يعف اللسان عن ذكرها !!! ففي قصة هذا الشاب , ما يعيد الأمل , لقد أوقف عينه ! ولكن على ماذا ! استمع إلى قصة هذا الشاب ! شاب في أرض الجهاد , وبالتحديد في أرض الأفغان المسلمة , خاض معركة أصيب بشظية من قنبلة , أفقدته إحدى عينيه , ثم نقل إلى المستشفى , قام بعض الاخوة بزيارته وعندما أراد أحد الاخوة , تصويرُ هذا الشاب وضع هذا المجاهد يده على وجهه ! فقال له الأخ : لمَ ترفض الصورة ! لأنه ظن أنه لا يريدها لحكمها الشرعي ! فقال المجاهد كلمة رائعة حيث قال – واستمعوا إلى ما قال يا شباب الأمة – أخشى أن تتأثر عيني الصحيحة من الفلاش فلا أستطيع أن أرجع إلى الجهاد مرة ثانية !!! لا إله إلا الله , يريد بقاء عينه لأرض الجهاد , يتحسس من خلالها سلاحه , يترصد من خلالها عدوه , يضمد من خلال هذه العين –حرسها الله تعالى- جراح الأمة . فأين هذه العين من عيون تسمرت أمام الشاشة !! لتتابع من خلال ذلك المسلسلات الساقطة !! والحفلات الراقصة !! وكرة القدم التي ألهت شباب الأمة !! إي وربي ,, لعين مثل هذه لهي خير من ألف عين تلهث وراء سراب بقيعه يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا .! فأوقف عينك يا فتى الإسلام , لخدمة الإسلام ! واحذر أن تجعلها معول من معاول هدم الإسلام .!! * * * * * * * * * * * * * القصة الثامنة : لقد رأيت صفوان .!! نعم ! حتى في زماننا هذا للعفاف رجاله !! كم يكلم القلب , وتدمع العين , حينما نرى بعض الشباب يتعرضون للغاديات والرائحات من بنات المسلمين ! حينها تسأل نفسك ؟؟ أما لهؤلاء أخوات وزوجات وبنات !! " قيدني يا أبى " , عنوان لقصة جميلة لشاب من الأنصار ولا عجب ! فقد نصر الأنصار دين الله ! فليس بكثير بعد ذلك أن ينتصروا على شهواتهم وعلى الشيطان ! تأملت هذه القصة كثيراً , جرت دمعتي على خدي أسىً وحرقةً على شباب أمتي ! فقلت وهل في زماننا مثل هذا الأنصاري ! سبحت في خيال , حتى وردت إليّ قصة لشاب من شباب هذا العصر , هو , هو يحمل عفاف الأنصاري كأنهما يأكلان من جراب واحد ! ولمَ لا ! فهما ينهلان من معين واحد , فلنستمع إلى القصتين . أما قصة الأنصاري فقد عنونت لها بعنوان هو " قيدني يا أبى " وهو عنوان لمحاضرة أنوي إخراجها بمشيئة الله تعالى . وأما قصة هذا الأنصاري , فانظر إلى هذه الميتت العجيبة أيها الشاب , أيها الفتى ! فقد أحبت امرأة من المدينة رجلا من الأنصار , فأرسلت تشكو إليه حُبها , وتسأله الزيارة , وتدعوه إلى الفاحشة , وكانت ذات زوج , كما تفعله بعض النساء مع بالغ الأسف الشديد ! فأرسل إليها : إن الحرام سبيل لست أسلكه , ولا أمر به ما عشت في الناس , فابغي العفاف فإني غير متبع , ما تشتهين فكوني منه في يأس , إني سأحفظ فيكم من يصونكم , فلا تكوني أخا جهلي ووسواسي . فلما قرأت الكتاب كتبت إليه : دع عنك هذا الذي أصبحت تذكره , وصر إلى حاجتي يا أيها القاسي , دع التنسك إني غير ناسكة , وليس يدخل ما أبديت في رأسي . فأفشى ذلك إلى صديق له , لا ليواعدها , ولا ليفجر بها , ولا ليغدر بها ! فقال له : لو بعثت إليها بعض أهلك ووعظتها وزجرتها , رجوت أن تكف عنك ! فقال : والله لا فعلت ولا صرت في الدنيا حديثا ولا العار في الدنيا خير من النار في الآخرة . وقال : العار في مدة الدنيا وقلتها ** يفنى ويبقى في العار يؤذيني والنار لا تنقضي مادام بي رمقٌ ** ولست ذا ميتتٍ منها فتفنيني لكن سأصبر صبر الحر محتسباً ** لعل ربي من الفردوس يدنيني أمسك عنها , فأرسلت والمحاولات ما زالت تتكرر , إما أن تزورني وإما أن أزورك ! فأرسل إليها , إربعي أيتها المرأة على نفسكِ , ودعي عنك التسرع إلى هذا الأمر . فلما يأست منه , بصلاحه وتقواه , ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر , فجعلت لها الرغائب لتهييجه , فعملت لها فيه , فبينما هو ذات ليلة , جالسا مع أبيه , إذ خطر ذكرها بقلبه ! يالله !! هاج منه أمر لم يكن يعرفه ! اختلط فقام من بين يدي أبيه مسرعاً , وانظر إلى صنيعه وفعله بعد ذلك ! صلى واستعاذ وجعل يبكي , والأمر يزيد , فقال له أبوه : يا بني ما قصتك , قال : يا أبتي أدركني بقيد فما أرى إلا قد غُلبت على عقلي , فجعل أبوه يبكي , ويقول : يا بني حدثني بالقصة ! فحدثه قصته , فقام إليه وقيده وأدخله بيتاً , فجعل يتضرب ويخُور , كما يخور الثور , ثم هدأ ساعة فإذا هو ميت وإذا الدم يسيل من منخريه , عليه رحمة الله تعالى . وأما قصة خليفة هذا الأنصاري , فقد عنونت لها بعنوان "لقد رأيت صفوان" وأما قصته , وهي لشاب من شباب هذه الأمة المباركة بحمد لله تعالى . يقول أحد الاخوة : خرجت مع أهلي, أمي وأخواتي وزوجتي إلى البر , قضينا فيه يوما كاملاً , وفي آخر النهار , اجتهدنا في حمل متاعنا وقد أخذ منا التعب مأخذه . أركبت الأهل , وقفلنا راجعين إلى البيت , وعند دخولنا إلى المنزل , كانت المفاجأة !! أختي ذات السادسة عشر من عمرها , فقدناها ! رجعنا إلى ذلك المكان على عجل , وقد بلغ منا الخوف والهلع مبلغه !! وفي ذلك المكان !! وجدنا شاباً طلق المُحيا , سألناه , أما رأيت في هذا المكان من فتاة ؟؟ فأطرق برأسه وقال بلى !! فأشار إليها , وقد حفظها لنا حتى رجعنا !! والعجيب أنه وضعها خلفه !! بكى الأهل من شدة الفرح , يقول هذا الأخ : أما أنا فتسمرت في مكاني , وجلست أتأمل مُحياه , يعلوه الطهر والعفاف , فدار في مخيلتي حينما رجعت إلى الوراء , أربعة عشر قرنا , فوجدت أقرب الناس شبها به في العفاف , صفوان ابن معطل , فصرخت في أعماق قلبي , حقا لقد رأيت صفوان , فحمدت الله تعالى أن في أمتي أمثال هذا العفيف !! * * * * * * * * * * * * * القصة التاسعة : رسالة ٌبالقلم .. ورسالة ٌبالفعل ..! ومع العفاف مرة أخرى , وكم يطيب الحديث عنه , ولمَ لا , والمعركة مع امرأة لا خلاق لها , إذا سلكت هذه الدروب المشينة , ومع شيطان قال الله عنه ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) . مع نفسٍ أمارةٍ بالسوء , ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ) . ومع هوى متبع , إنها حقيقة الانتصار ! ما بين رجلين وامرأتين , يبرز العفاف بوجهه المشرق , أكرم به من خلق , سجية طيبة , قدح معلى , ثمرة حلوة , رائحة زكيه , تلكم معاشر الشباب , هي معادلة العفاف , قصتان رائعتان , رسالة من السلف , وفعل من الخلف ! تلكم هي نتاج تربية القرآن ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ). القصة الأولى : لشاب عابد في الكوفة , أوردها الزبيدي رحمه الله تعالى في كتابه " إتحاف السادة المتقين " وهاهو نصها . قال سعيد أبو أحمد العابد عليه رحمة الله تعالى : كان عندنا بالكوفة شاب متعبد لازم لمسجد الجامع لا يفارقه , وكان حسن السمت , فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل , فشغفت به , طال عليها ذلك , فلما كان ذات يوم , وقفت له على الطريق , وهو يريد المسجد , فقالت له : يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها ثم اعمل ما شئت ! فمضى ولم يُكلمها , ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه وهو يريد منزله , فقالت له : يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها , فأطرق ملياً وقال: هذا موقف تهمة وأنا أكره للتهمة موضعا , فقالت له : والله ما وقفت موقفي هذا جهالة بأمرك , ولكن معاذ الله أن يتشوف العباد إلى مثل هذا مني , والذي حملني على أن لقيتك في مثل هذا الأمر بنفسي , بمعرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير , وأنتم معاشر العباد على مثال القوارير أدنى شيء يعيبها , وجملة ما أقول لك –كما تقول هذه المرأة لهذا العابد- إن جوارحي كلها مشغولة بك , فالله في أمري وأمرك , قال : فمضى الشاب إلى منزله وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي , وهكذا أهل الحب والغرام , اخذ قرطاسا وكتب كتاباً , ثم خرج من منزله وإذا بالمرأة واقفة في موضعها , فألقى الكتاب إليها ورجع من منزله وكان فيه , -أتظنون معاشر الشباب أن فيه كلمات الحب والغرام كما يفعلُ بعضُ الشباب ! كلا , لكنه كتب كتاباً فيه "بسم الله الرحمن الرحيم , اعلمي أيتها المرأة أن الله عز وجل إذا عصاه العبد حلم , فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستر , فإذا لبس لها مُلابسها غضب الله تعالى لنفسه غضبةً تضيق منها السماوات والأرض والجبال والشجر والدواب , فمن ذا يطيق غضبه , فإن كان ما ذكرتِ باطلاً , فإني أذكرك يوما تكون السماء فيه كالمهل , وتصير الجبال كالعهن , وتجثوا الأمم لصولة الجبار العظيم , وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف بإصلاح غيري , وإن كان ما ذكرت حقاً , فإني أدلك على طبيب يداوي الجراح , ذلك الله رب العالمين , فاقصديه بصدق المسألة , فإني مشغول عنك بقول الله تعالى ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين * ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) . فأين المهرب من هذه الآية " ثم جاءت بعد ذلك بأيام , فوقفت له على الطريق , فلما رآها من بعيد أراد الرجوع لمنزله كي لا يراها , فقالت : يا فتى لا ترجع فلا كان الملتقى بعد هذا اليوم أبدا إلا غدا بين يدي الله عز وجل , ثم بكت بكاءً شديداً , وقالت : أممن علي بموعظة أحملها عنك , وأوصني بوصية أعمل عليها , فقال لها : أوصيك بحفظ نفسك من نفسك , وأذكرك قوله تعالى ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) فما كان منها إلا أن بكت بكاء شديداً , ثم لزمت في بيتها , وأخذت في العبادة , فلم تزل كذلك حتى ماتت عليها رحمة الله تعالى . وأما الرسالة بالفعل , فهي قصة لشاب من شباب الصحوة المباركة , شاب يمشي في شارع من شوارع الرياض , اعترضت له فتاة من الفتيات التافهات الفارغات , والآئي لا هم لهن إلا ارتياد الأسواق لاصطياد السُذج من الشباب , رمت عليه بورقة تحوي رقم هاتفها , وهذه يا فتاة الإسلام أولى خطوات الشيطان , ماذا كان من هذا الشاب التقي , ما كان من هذا الشاب إلا أن أخذته الحمية والغيرة , فوقف أمامها ثم مزق الورقة وهو يقول لها : اتقي الله , ثم رماها في وجهها , ولسان حاله يقول : قد هيئوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ لنفسك أن ترعى مع الهملي فيا أيها الشاب ,, كن كعابد الكوفة , أو كهذا الشاب , تحصن بالقرآن وافزع إلى الإيمان , وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها , ابتعد عن مواطن الفتن , وسلي الله الثبات , وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم .. * * * * * * * * * * * * * القصة العاشرة : أسير البر .! عالم فسيح , يضيق أحيانا , ينفرج هذا العالم بدعاء الوالدين , حقهما مقرون بأعظم حق وهو التوحيد , وأقبح ذنبٍ وهو الشرك , ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) نعم , فالبر لا يبلى بل من فعل البر مرة صار من أهله , ولا بطلقه من طلقاتها , صيحة أطلقها عمر لما قال له رجل وهو يطوف بأمه على ظهرها : هل تراني أديتها حقها , فقال عمر : ولا بطلقه من طلقاتها . معشر الشباب ,,, وهل يشقى من ببر والديه أبلى , كلا , أنمُوذج فريد لشاب من شباب هذا العصر , حينما تملكني اليأس , وتلفت ورأيت العقوق , جاءت هذه القصة لتعيد لنا الأمل , أسره بره بوالديه , فحق لنا أن نسميه أسير البر , وتلك قصته , شاب من الشباب , لازم والده على فراش المرض , مدة خمسة عشر عاما , أعيد مرة أخرى , لأقول خمسة عشر عاما , كان يلازمه طول مده مكثه في المستشفى , وكان لا يخرج إلا في يومي الخميس والجمعة لقضاء حاجاته وغسيل ملابسه , ثم يصلي صلاة الجمعة ويعود إلى والده ملازما له , وهكذا حتى توفي والده عليه رحمة الله تعالى . طالما عرضت عليه والدته الزواج , ولكنه أبى , وكان يقول لأمه : أماه , لقد تزوجت البر ! انتقل بعدها إلى جوار أمه ليقوم على خدمتها , وكانت هي الأخرى قد أصابها مرض حتى توفاها الله تعالى . لله دره ما أنبله وما أحسنه وما أجمل صنيعه !! كنت أرى دور رعاية المسنين فآسى وأحزن , يقتلني اليأس حتى وقفت على قصة هذا الشاب فأحيت في نفسي الأمل . فيا شباب الأمة , بروا آبائكم وأمهاتكم تفلحوا , فإن الجزاء من جنس العمل , وهي دقة بدقة , وإنك لا تجني من الشوك العنب , ومن راب سعادة فليلزم طاعة والديه وبرهما في غير معصية الله تعالى . إن الواحد منا معاشر الشباب , يحب من الأعماق رجلا يسر عليه حال إعسار , أو فرج عنه كربة , أو حقق له مطلبا دنيويا , وربما نسي صاحبي الإفضال بعد الله تعالى وهما الوالدان . اسمع أخي صاحب العقل الكبير , وتأمل حال الصغير , وتذكر ضعف الطفولة , حملتك أمك في أحشائها تسع أشهر , وهنا على وهن , حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً , ولا يزيد نموك إلا ثِقلاً وضعفاً . في بداية حملها بك , جانبت الطعام والشراب توحماً , وفارقها النوم ألماً , وعند الوضع رأت الموت بعينها , ولكن لما بصُرت بك إلى جانبها سرعان ما نسيت آلامها , وعلقت فيك جميع آمالها بعد الله , رأت فيك بهجة الحياة وزينتها , ثم شغلت بخدمتك ليلها ونهارها , تغذيك نصحها , طعامك درها , وبيتك حجرها , ومركبك يداها , وصدرك ظهرها , تحيطك وترعاك , تجوع لتشبع أنت , وتسهر لتنام أنت , فهي بك رحيمة , وبك شفيقة , تميط عنك الأذى , وهي تتمنى إلقائك , إذا غابت عنك دعوتها , وإذا أعرضت عنك ناجيتها , أول ما تعرف هو اسمها , تحسب كل الخير عندها , وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها , أو لحظتك بعينها . وأما أبوك , فأنت له مجبنة مبخلة , يكد ويسعى , ويدفع عنك الأذى , يتنقل في الأسفار , يجوب الفيافي والقفار , يتحمل الأخطار بحثاً عن لقمة العيش لك لينفق عليك ويصلحك ويربيك , إذا دخلت عليه هش , وإذا أقبلت إليه بش , وإذا خرج تعلقت به . أخي الشاب ,,, هذان هما والداك , وتلك هي طفولتك وصباك , فلماذا التنكر لجميل , وعلاما الفظاظة الغلظة كأنك أنت المنعم المتفضلُ ..!! اغتنم هذه الفرصة , وكن باراً بهما شفيقاً عليهما , أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" رغم أنفه ثم رغم أنفه , قيل من يا رسول الله , قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخلاه الجنة " رواه مسلم . * * * * * * * * * * * * * وأخيراً معاشر الشباب ,,, هذه صورٌ مشرقة , كتبتها للإقتداء والعبرة , وليست للتسلية , فكن على الطريق والزم المحجة البيضاء , ودونك نصحاً لي ولك . إن أول لبنة في بناء الشباب , لبنة العقيدة ورسوخ الإيمان , وصدق التعلق بالله وحده , والاعتماد عليه , إن أولها حفظ الله بحفظ حقوقه وحدوده , ومن ثم الاستعانة به وحده في الأمور كلها , والتوكل عليه واليقين الجازم بأن بيده سبحانه وتعالى الضر والنفع . يأتي كل ذلك أيها الاخوة , ليكون دافعاً للشباب وهو في فورته وطموحه , وتكامل قوته , ليكون قوي العزيمة عالياً الهمة . إن قوي العزيمة من الشباب , أيها الشباب , من تكون إرادته تحت سلطان دينه وعقله , ليس عبداً لشهوته , فتعس عبد الدينار وعبد الدرهم . إن من صرامة العزيمة وعلو الهمة , أن يُفرغ الفؤاد عن الشهوات القريبة , والعواطف السريعة . واسمعوا إلى صقر قريش عبد الرحمن الداخل , في قصةٍ حفظها لنا التاريخ , يقول التاريخ : حينما عبر هذا الصقر البحر أول قدومه على الأندلس , أهديت له جارية بارعة الجمال , فنظر إليها وقال: إن هذه من القلب والعين بمكان , وإن أنا اشتغلت بها عما أهم به , ظلمت همتي , آلا فلا حاجة لي بها , ثم ردها إلى صاحبها . فمن منكم يقول مثل هذا إذا عرض له عارض يشغله عما هو آن .! أيها الشباب ,, إن الشهوات والعواطف وحُب الراحة وإيثار اللذات , هو الذي يسقط الهمم , ويفتر العزائم , فكم من فتيان يتساوون في نباهة الذهن , وذكاء العقل , وقوة البصيرة , ولكن قوي الإرادة فيهم , وعالي الهمة فيهم , ونفَّاذ العزيمة فيهم , هو الكاسب المتفوق , يجد ما لا يجدون , ويبلغ من المحامد والمراتب ما لا يبلغون ..! وأنتم معاشر الاخوة ,,, الذين تقومون على التربية , أقول لكم : انه لحقيق برجال القوامين على التربية , أن يعطوا هذا الدرس مكانه من التوجيه , من أجل بناء صروح من العز شامخة , إن لم يكن كذلك , فقد ظلمت الأمة نفسها , وخسرت أجيالها , وهضمت حق دينها , وأضاعت رسالتها . ( يا يحيي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا ). إنه ما اقترن العزم الصحيح , مع التوكل الوثيق على من بيده ملكوت كل شيء إلا كانت العاقبة فوزاً ونجاحاً , ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) . وأخيراً ,,, أسأل الله تعالى بمنه وكرمه , أن يصلح شباب المسلمين , وأن يردهم إليه رداً جميلاً , أسأله وهو القادر على كل شيء , أن يصلح نياتنا وذرياتنا . سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك . وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعيـــــــــن....
الموضوع الأصلي : الشبـــاب والوجـه الآخـر // المصدر : منتديات اور اسلام // الكاتب: hadi moa
الــرد الســـريـع هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة احترم مواضيع الآخرين ليحترم الآخرون مواضيعك لا تحتكر الموضوع لنفسك بإرسال عدة مساهمات متتالية عند طرح موضوع يجب أن تتأكد أن عنوان الموضوع مناسب او لا تحل بحسن الخلق و بأدب الحوار و النقاش لا تنس أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية, فلا تتهجم على عضو بدعوى أنه لا يشاطرك الرأي ان قطعت عهدآ مع عضو فأوفي بوعدك لأنه دين عليك إن حصل خلاف بينك و بين عضو حول مسألة ما فلا تناقشا المشكله على العام بل على الخاص ان احترمت هذه الشروط البسيطة, ضمنت حقوقك و عرفت واجباتك. و هذه افضل طريقة تضمن بها لنفسك ثم لمساهماتك و مواضيعك البقاء و لمنتداك الإزدهار في موقعنا إدارة منتديات اور اسلام